بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَنَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (9)

قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ } يقول : ألم يأتكم في القرآن خبر الذين من قبلكم من الأمم الماضية ، كيف عذّبهم الله تعالى عند تكذيب رسلهم { قَوْمُ نُوحٍ } كيف أهلكهم بالغرق ، { وَعَادٌ } كيف أهلكهم الله بالريح ، { وَثَمُودُ } كيف أهلكهم بالصيحة ، فهذا تهديد لأهل مكة ليعتبروا بهم .

قوله تعالى : { والذين مِن بَعْدِهِمْ } كيف عذبوا { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله } يعني : لا يعلم عددهم إلا الله . قال ابن مسعود : كذب النسابون وقرأ : { والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله } { جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات } يعني : جاء الرسل بالأمر والنهي { فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ } قال مقاتل : وضع الكفار أيديهم على أفواههم .

فقالوا للرسل : اسكتوا فإنكم كذبة ، وإن العذاب غير نازل بنا . وروى هبيرة بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود في قوله { فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ } قال : جعلوا أصابعهم في فيهم . وقال القتبي : أي عضوا عليها حنقا وغيظاً .

قال مجاهد وقتادة : يعني : ردّوا عليهم قولهم وكذبوهم ويقال : { فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ } يعني : نِعَم رسلهم ، لأن مجيئهم بالبينات نعم . ومعنى قوله : { فِى أَفْوَاهِهِمْ } أي : بأفواههم . أي : ردوا تلك النعمة بالنطق بالتكذيب { وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا } فهذا هو ردهم { بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ } يعني : بما تدعونا إليه { وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ } وهو المبالغة في الشك يعني : ظاهر الشك .