المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

20 - ويقول الذين آمنوا : هلا نزلت سورة تدعونا إلى القتال ؟ فإذا نزلت سورة لا تحتمل غير وجوبه ، وذكر فيها القتال مأموراً به رأيت الذين في قلوبهم نفاق ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت خوفاً منه وكراهية له ، فأحق بهم طاعة لله وقول يقره الشرع ، فإذا جد الأمر ولزمهم القتال ، فلو صدقوا الله في الإيمان والطاعة لكان خيراً لهم من النفاق ، فهل يتوقع منكم - أيها المنافقون - إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا صلاتكم بأقاربكم ؟

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

قوله تعالى : " ويقول الذين آمنوا " أي المؤمنون المخلصون . " لولا نزلت سورة " اشتياقا للوحي وحرصا على الجهاد وثوابه . ومعنى " لولا " هلا . " فإذا أنزلت سورة محكمة " لا نسخ فيها . قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشد القرآن على المنافقين . وفي قراءة عبد الله " فإذا أنزلت سورة محدثة " أي محدثة النزول . " وذكر فيها القتال " أي فرض فيها الجهاد . وقرئ " فإذا أنزلت سورة وذكر فيها القتال " على البناء للفاعل ونصب القتال . " رأيت الذين في قلوبهم مرض " أي شك ونفاق . " ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت " أي نظر مغموصين مغتاظين بتحديد وتحديق ، كمن يشخص بصره عند الموت ، وذلك لجبنهم عن القتال جزعا وهلعا ، ولميلهم في السر إلى الكفار .

قوله تعالى : " فأولى لهم " قال الجوهري : وقولهم : أولى لك ، تهديد ووعيد . قال الشاعر :

فأولى ثم أولى ثم أولى *** وهل للدَّرِّ يحلب من مَرَدِّ

قال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه ، أي نزل به . وأنشد :

فعادى بين هادِيَتَيْن منها *** وأولى أن يزيد على الثلاث

أي قارب أن يزيد . قال ثعلب : ولم يقل أحد في " أولى " أحسن مما قال الأصمعي . وقال المبرد : يقال لمن هم بالعطب ثم أفلت : أولى لك ، أي قاربت العطب . كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه ليقول : أولى لك . ثم رمى صيدا فقاربه ثم أفلت منه فقال :

فلو كان أولى يطعم القوم صِدْتُهم *** ولكن أولى يتركُ القوم جُوَّعَا

وقيل : هو كقول الرجل لصاحبه : يا محروم ، أي شيء فاتك وقال الجرجاني : هو مأخوذ من الويل ، فهو أفعل ، ولكن فيه قلب ، وهو أن عين الفعل وقع موقع اللام . وقد تم الكلام على قوله : " فأولى لهم " . قال قتادة : كأنه قال العقاب أولى لهم . وقيل : أي وليهم المكروه .