الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون : { لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ } في معنى الجهاد { فَإِذآ أُنزِلَتْ } وأمروا فيها بما تمنوا وحرصوا عليه كاعوا وشق عليهم ، وسقطوا في أيديهم ، كقوله تعالى : { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَخْشَوْنَ الناس } [ النساء : 77 ] . { مُّحْكَمَةٌ } مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجهاً إلا وجوب القتال . وعن قتادة : كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة ، وهي أشدّ القرآن على المنافقين . وقيل لها «محكمة » لأنّ النسخ لا يرد عليها من قبل أنّ القتال قد نسخ ما كان من الصفح والمهادنة ، وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة . وقيل : هي المحدثة ؛ لأنها حين يحدث نزولها لا يتناولها النسخ ، ثم تنسخ بعد ذلك أو تبقى غير منسوخة . وفي قراءة عبد الله «سورة محدثة » وقرىء : «فإذا نزلت سورة و ذَكَرَ فيها القتالُ » على البناء للفاعل ونصب القتال { الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } هم الذين كانوا على حرف غير ثابتي الأقدام { نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت } أي تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً وغيظاً ، كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت { فأولى لَهُمْ } وعيد بمعنى : فويل لهم . وهو أفعل : من الولي وهو القرب . ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه .