وسأل المؤمنون ربهم عز وجل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سورة يأمرهم فيها بقتال الكفار ، حرصا منهم على الجهاد ، ونيل ما أعده الله للمجاهدين من جزيل الثواب فحكى الله عنهم ذلك بقوله :{ ويقول الذين آمنوا } من هنا إلى آخر السورة لا يظهر إلا كونه مدنيا إذ القتال لم يشرع إلا بالمدينة ، وكذلك النفاق لم يظهر إلا بها فيحمل القول فيما تقدم بأنها مكية على أغلبها ، وأكثرها ، وكذا يحمل القول بأنها مدنية على البعض منها { لولا } هلا { نزلت سورة } فيها ذكر القتال ، والأمر بالجهاد ، والتحريض عليه { فإذا أنزلت سورة } في معنى الجهاد { محكمة } أي غير منسوخة { وذكر فيها القتال } أي فرض الجهاد وطلبه ، قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشد القرآن على المنافقين لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أن القتال نسخ ما كان من الصفح والمهادنة ، وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة ، وقرأ ابن مسعود : فإذا نزلت سورة محدثة ، أي محدثة النزول وقرأ الجمهور أنزلت وذكر على بناء الفعلين للمفعول وقرئ نزلت ، وذكر على بنائهما للفاعل ، ونصب القتال .
{ رأيت الذين في قلوبهم مرض } أي شك ، وهم المنافقون ، أو ضعف في الدين ، وأصل المرض الفتور ، فمرض القلوب فتورها عن قبول الحق ، والأول هو الأظهر الموافق لسياق النظم الكريم { ينظرون إليك } يعني شزرا وكراهية منهم { نظر المغشي عليه من الموت } أي نظرا مثل نظر من شخص نظره وبصره عند الموت ، لجبنهم عن القتال ، وميلهم إلى الكفار ، كدأب من أصابته غشية الموت ، وقال ابن قتيبة والزجاج : يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم وينظرون إليك نظرا شديدا كما ينظر الشاخص بصره عند الموت .
{ فأولى لهم } قال الجوهري : أولى لك تهديد ووعيد ، وكذا قال مقاتل والكلبي وقتادة ، قال الأصمعي : معنى قولهم في التهديد : أولى لك أي وليك وقاربك ما تكره . وهو فعل ماض ، قال ثعلب : ولم يقل في أولى أحسن مما قاله الأصمعي ، وقال المبرد : يقال لمن هم بالغضب ثم أفلت أولى لك أي قاربت الغضب ، وقال الجرجاني : هو مأخوذ من الويل ، أي : فويل لهم وكذا قال في الكشاف . . قال قتادة أيضا : كأنه قال العقاب أولى لهم ، وعلى هذا يكون إسما لا فعلا وعليه الأكثر ، وفي إعرابه أوجه ذكرها السمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.