السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

{ ويقول الذين آمنوا } طلباً للجهاد . { لولا } أي : هلا ، ولا التفات إلى قول بعضهم أن لا زائدة والأصل لو { نزلت سورة } أي سورة كانت ، نسرّ بسماعها ، ونتعبد بتلاوتها ، ونعمل بما فيها { فإذا أنزلت سورة } أي : قطعة من القرآن ، تكامل نزولها كلها تدريجاً ، أو جملة وزادت على مطلوبهم في الحسن بأنها { محكمة } أي : مبينة ، لا يلتبس شيء منها بنوع إجمال ، ولا ينسخ لكونه جامعاً للمحاسن في كل زمان ومكان وقال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة . وهي أشدّ القرآن على المنافقين { وذكر فيها القتال } أي : الأمر به { رأيت الذين في قلوبهم مرض } أي : شك وهم المنافقون . { ينظرون إليك } شرراً بتحديق شديد ، كراهية منهم للجهاد ، وجبنا منهم عن لقاء العدوّ { نظر المغشيّ } والأصل نظراً مثل نظر المغشي { عليه من الموت } الذي هو : نهاية الغشي فهو لا يطرف بعينه ، بل شاخص لا يطرف كراهية القتال ؛ من الجبن والخوف . والمعنى : أنّ المؤمن كان ينتظر نزول الأحكام والتكاليف ويطلب تنزيلها ، وإذا تأخر عنه التكليف كان يقول هلا أمرت بشيء من العبادة خوفاً من أن لا يؤهل لها وأمّا المنافق ، فإذا أنزلت السورة أو الآية وفيها تكليف شق عليه ذلك فحصل التباين بين الفريقين في العلم والعمل وقوله تعالى { فأولى لهم } وعيد بمعنى فويل لهم وهو أفعل من الولي وهو القرب ومعناه الدعاء عليه بأن يليهم المكروه .