نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

ولما كان دليل على إحاطة العلم ، علم ما أبطنه الإنسان ولا سيما إن كان مخالفاً لما أظهره ، قال دالاً على إحاطة علمه بإظهار أسرار المنافقين عاطفاً على { ومنهم من يستمع إليك } : { ويقول } على سبيل التجديد المستمر { الذين آمنوا } أي ادعوا ذلك بألسنتهم وفيهم{[59675]} الصادق والمنافق دالين على صدقهم في{[59676]} إيمانهم بالتحريض على طلب الخير بتجدد الوحي الذي هو الروح الحقيقي : { لولا نزلت } على سبيل التدريج ، وبناه للمفعول دلالة على إظهارهم أنهم صاروا في صدقهم في الإيمان{[59677]} واعتقادهم أن التنزيل لا يكون إلا من الله بحيث{[59678]} لا يحتاجون إلى التصريح به { سورة } {[59679]}أي سورة كانت لنسر بسماعها ونتعبد بتلاوتها ونعمل بما فيها كائناً ما كان ، ويستمر الوحي فينا متجدداً مع تجدد الزمان ليكون ذلك أنشط لنا وأدخل في تحريك عزائمنا { فإذا أنزلت سورة } أي قطعة{[59680]} من القرآن تكامل نزولها كلها-{[59681]} تدريجاً أو جملة ، وزادت على مطلوبهم بالحس{[59682]} بأنها { محكمة } أي مبينة لا-{[59683]} يلبس شيء منها بنوع إجمال ولا ينسخ لكونه جامعاً للمحاسن في كل-{[59684]} زمان ومكان { وذكر فيها القتال } {[59685]}بأيّ ذكر كان ، والواقع أنه{[59686]} لا يكون إلا ذكراً مبيناً أنه-{[59687]} لا يزداد إلا وجوباً وتأكداً حتى تضع الحرب أوزارها ، قال البغوي{[59688]} : وكل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين . وهو مروي عن قتادة { رأيت } أي-{[59689]} بالعين والقلب { الذين في قلوبهم مرض } أي ضعف في الدين أو نفاق من الذين أقروا بالإيمان وطلبوا تنزيل القرآن وكانوا قد أقسموا بالله جهد أيمانهم : لئن أمرتهم ليخرجن { ينظرون إليك } كراهة لما نزل عليك بعد أن حرضوا على طلبه { نظر المغشي عليه } ولما كان للغشي أسباب ، بين أن هذا أشدها فقال تعالى : { من الموت } الذي هو نهاية{[59690]} الغشي فهو لا يطرف بعينه بل هو شاخص لا يطرف كراهة للقتال من الجبن والخور .

ولما كان هذا أمراً منابذاً{[59691]} للإنسانية لأنه مباعد{[59692]} للدين والمروءة ، سبب عنه أعلى التهديد فقال متوعداً لهم بصورة الدعاء بأن يليهم{[59693]} المكروه : { فأولى } أي أشد{[59694]} ميل وويل وانتكاس وعثار{[59695]} موضع لهم في الهلكة كائن { لهم * } أي خاص بهم ، وفسرته بذلك لما تقدم في آخر الأنفال من أن مادة " ولى " تدور على الميل ، فإذا{[59696]} كانت على صيغة أفعل التفضيل - وهو قول الأكثر - جاءت الشدة ، قال الأصمعي : إنه{[59697]} فعل ماضٍ أي قاربهم ما يهلكهم{[59698]} وأولاهم الله الهلاك ، وقال الرضي في باب المعرفة والنكرة : إنه علم للوعيد وفيه وزن الفعل{[59699]} فلذا منع من الصرف ، وليس بأفعل تفضيل ولا أفعل فعلاً ولا اسم فعل لأن أبا زيد حكى لحاق تاء التأنيث له فقالوا : أولاة الآن - كأرملة{[59700]} وهو من وله الشر أي قرنه حال ، وقبوله للتاء لا يضر الوزن ، لأن ذلك في{[59701]} علم آخر .


[59675]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فيه.
[59676]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:"و".
[59677]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إيمانهم.
[59678]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حيث.
[59679]:زيد في الأصل و ظ: أي، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59680]:زيد في الأصل و ظ: كاملة، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59681]:زيد من م ومد.
[59682]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بالحسن.
[59683]:زيد من م ومد.
[59684]:زيد من م ومد.
[59685]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59686]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لأنه.
[59687]:زيد من م ومد.
[59688]:راجع المعالم بهامش اللباب 6/151.
[59689]:زيد من م ومد.
[59690]:??????
[59691]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: غاية.
[59692]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مديدا.
[59693]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: صاعد.من مد، وفي الأصل و ظ و م: بينهم.
[59694]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أشل.
[59695]:زيد في الأصل: وعتاب، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59696]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فإن.
[59697]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أي.
[59698]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يهكهم.
[59699]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: القول.
[59700]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كما دملة-كذا.
[59701]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: من.