محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

{ ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة } أي تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار . { فإذا أنزلت سورة محكمة } أي مبيّنة لا تقبل نسخا ولا تأويلا ، { وذكر فيها القتال } أي الأمر بقتال المشركين { رأيت الذين في قلوبهم مرض } أي : شك في الدين وضعف في اليقين { ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت } أي من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء . شبه نظرهم بنظر المحتضر الذي لا يطرف بصره { فأولى لهم } قال الشهاب : اختلف فيه ، بعد الاتفاق على أن المراد به التهديد والوعيد ، على أقوال :

فذهب الأصمعيّ إلى أنه فعل ماض بمعنى قارب . وقيل : قرّب بالتشديد ، ففاعله ضمير يرجع لما علم منه ، أي : قارب هلاكهم . والأكثر أنه اسم تفضيل من الولي ، بمعنى القرب . وقال أبو علي : إنه اسم تفضيل من الويل . والأصل ( أويل ) فقلب ، فوزنه أفلع . ورد بأن الويل غير متصرف ، وأن القلب خلاف الأصل ، وفيه نظر وقد قيل : أنه فعلى ، من آل يؤول . وقال الرضي : إنه علم للوعيد ، وهو مبتدأ و { لهم } خبره . وقد سمع فيه ( أولاة ) بتاء تأنيث . وهو كما قيل ، يدل على أنه ليس بأفعل تفضيل ، ولا أفعل فُعلى ، وأنه علم وليس بفعل ، بل مثل أرمل وأرملة ، إذا سمي بهما ، فلذا لم ينصرف . ولا اسم فعل ، لأنه سمع فيه ( أولاة ) معربا مرفوعا ، ولو كان اسم فعل بني . وفيه أنه لا مانع من كون ( أولاة ) لفظا آخر بمعناه ، فلا يرد شيء منه عليهم أصلا ، كما جاء ( أوّل ) أفعل تفضيل ، واسم ظرف ك ( قبل ) وسمع فيه ( أوّلة ) - كما نقله أبو حيان – فلا يرد النقض به كما لا يخفى . انتهى .

قال السمين : إذا قلنا باسميته . ففيه أوجه :

أحدها – أنه مبتدأ ، و { لهم } خبره ، تقديره : فالهلاك لهم .

والثاني - أنه خبر مبتدأ مضمر ، تقديره : العقاب أو الهلاك أولى لهم ، أي أقرب وأدنى ، ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء . أي أولى وأحق بهم .

الثالث – أنه مبتدأ ، و { لهم } متعلق به ، واللام بمعنى الباء ، و { طاعة } خبره ، والتقدير : فأولى بهم طاعة دون غيرها .