الآية 20 وقوله تعالى : { ويقول الذين آمنوا لولا نُزّلت سورة فإذا أُنزلت سورة مُحكمة وذُكر فيها القتال } إن الذين آمنوا كانوا يتمنّون إنزال السورة ، ويقولون : هلاّ نزلت سورة لوجوه :
أحدها : لتكون السورة حجة لهم وآية على عدائهم في الرسالة والبعث والتوحيد .
والثاني : كانوا يستبعدون بإنزال السورة أشياء ، ويزداد لهم يقينا وتحقُّقا في الدين كقوله تعالى : { وإذا ما أُنزلت سورة } إلى قوله : { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } [ { وأما الذين في قلوبهم مرض ]{[19447]} فزادتهم رِجسًا إلى رجسهم } [ التوبة : 124 و125 ] على ما ذكر .
والثالث : [ كانوا ]{[19448]} يتمنّّون نزول السورة ليتبين لهم المُصدِّق من المكذِّب والمتحقَّق من المُريب .
هذه الوجوه لتي ذكرنا تكون لأهل الإيمان . لذلك يتمنّون ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فإذا أُنزلت سورة محكمة } أي مُحدَثة /514-ب/ والمُحدَثَة ليست بتفسير للحكمة إلا أن يعنوا بالمُحدَث الناسخ ، والناسخ ، هو المحدث والمتأخّر نزولا ، وهو مُحكَم لأنه يلزم العمل به ، والله أعلم .
وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه لولا أُنزلت سورة مُحدَثة ، والوجه ما ذكرنا .
أحدهما : أي مُحكَمة بالحُجج والبراهين . والثاني : لما أنزلت على أيدي قوم ، وتداولت في ما بينهم ، فلم يغيّروه ، ولم يبدّلوه ، بل حفظوه ، ليُعلم أنه من عند الله جاء ، ومنه نزل ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وذُكر فيها القتال } جعل الله عز وجل في القتال خصالا :
أحدها : كثرة أهل الإسلام وكثرة الأموال ، وإن كان في ظاهر القتال إفناء الأنفس والأموال ؛ لأنه قبل أن يُفرض القتال كان يدخل في الإسلام واحد ، فلما فُرض القتال دخل فيه فوج فوج على ما أخبر { يدخلون في دين الله أفواجا } [ النصر : 2 ] .
والثاني : ليُتبيّن المُصدّق منهم من المكذّب لهم والمتحقَّق من المُريب ، لأنه لم يكن ليظهر ، ويتبين لهم المنافق من غيره إلى ذلك الوقت . فلما فُرض القتال عند ذلك ظهر وتبين لهم أهل النّفاق والارتياب من أهل الإيمان والتصديق .
والثالث : فيه آية الرسالة والبعث .
وأما آية الرسالة فلأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عددا قليلا ، لا عدة لهم ، ولا قوة أُمروا بالقتال مع عدد ، لا يُحصون ، ولهم عدّة وقوة ، ليُعلم أنهم لا بأنفسهم يقاتلون ، ولكن بالله تعالى ، أو لا يُحتمل قيام أمثالهم لأمثال أولئك مع كثرتهم وقوّتهم ، والله أعلم .
وأما آية البعث فلأنّهم أُمروا بقتال{[19449]} أقاربهم وأرحامهم والمتعلِّق بهم ، وفي ذلك قطع أرحامهم وقطع صلة قراباتهم ، ليُعلم أنهم إنما يفعلون هذا بالأمر لعاقبة ، تُؤمل ، وتُقصد ؛ إذ لا يُحتمل فعل ذلك بلا عاقب تُقصد وبلا شيء يُعتقد ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت } كان أهل النفاق يكرهون نزول ما يبيّن لهم ما في ضميرهم من النّفاق والارتياب كقوله تعالى : { يحذر المنافقون أن تُنزّل عليهم سورة تُنبئهم بما في قلوبهم } [ التوبة : 64 ] وإذا أُنزلت السورة يزدد لهم ما ذكر حين{[19450]} قال : { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم } [ التوبة : 125 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.