معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ} (20)

وقوله : { فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ } .

وفي قراءة عبد الله : سُورةٌ مُحْدَثةٌ . كان المسلمون إذا نزلت الآية فيها القتال وذِكْره شق عليهم وتواقعوا أن تنسخ ، فذلك قوله : «لولا نزلت سورة » أي هلاّ أنزلت سوى هذه ، فإذا نزلت وقد أُمروا فيها بالقتال كرهوها ، قال الله : { فَأَوْلَى لَهُمْ } لمن كرهها ، ثم وصف قولهم قبل أن تنزَّل : سمع وطاعة ، قد يقولون : سمع وطاعة ، فإذا نزل الأمر كرهوه ، فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم ، فالطاعة مرفوعة في كلام العرب إذا قيل لهم : افعلوا كذا وكذا ، فثقل عليهم أو لم يثقل قالوا : سمع وطاعة .

[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] : حدثنا الفراء قال : أخبرني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :

قال الله عزّ وجل : { فَأَوْلَى } ثم قال لَهُمْ لِلَّذِين آمنوا مِنْهم طاعةٌ وَقَوْلٌ مَعْروف ، فصارت : فأولى وعيدا لمن كرهها ، واستأنف الطاعة بلهم ، والأول عندنا كلام العرب ، وقول الكلبي هذا غير مردود .