( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً )
وغيرهم ممن قصهم الله على نبيه [ ص ] في القرآن ، وممن لم يقصصهم عليه . . موكب من شتى الأقوام والأجناس ، وشتى البقاع والأرضين . في شتى الآونة والأزمان . لا يفرقهم نسب ولا جنس ، ولا أرض ولا وطن . ولا زمن ولا بيئة . كلهم آت من ذلك المصدر الكريم . وكلهم يحمل ذلك النور الهادي . وكلهم يؤدي الإنذار والتبشير . وكلهم يحاول أن يأخذ بزمام القافلة البشرية إلى ذلك النور . . سواء منهم من جاء لعشيرة . ومن جاء لقوم . ومن جاء لمدينة ومن جاء لقطر . . ثم من جاء للناس أجمعين : محمد رسول الله [ ص ] خاتم النبيين .
كلهم تلقى الوحي من الله . فما جاء بشيء من عنده . وإذا كان الله قد كلم موسى تكليما فهو لون من الوحي لا يعرف أحد كيف كان يتم . لأن القرآن - وهو المصدر الوحيد الصحيح الذي لا يرقى الشك إلى صحته - لم يفصل لنا في ذلك شيئا . فلا نعلم إلا أنه كان كلاما . ولكن ما طبيعته ؟ كيف تم ؟ بأية حاسة أو قوة كان موسى يتلقاه ؟ . . . كل ذلك غيب من الغيب لم يحدثنا عنه القرآن . وليس وراء القرآن - في هذا الباب - إلا أساطير لا تستند إلى برهان .
وقوله تعالى : { ورسلاً قد قصصناهم عليك } الآية ، نصب { رسلاً } على المعنى ، لأن المعنى إنا أرسلناك كما أرسلنا نوحاً ، ويحتمل أن ينصب { رسلاً } بفعل مضمر تقديره أرسلنا رسلاً ، لأن الرد على اليهود إنما هو في إنكارهم إرسال الرسل واطراد الوحي ، وفي حرف{[4378]} أبي بن كعب «ورسل » في الموضعين بالرفع على تقديرهم رسل ، و { قصصناهم } معناه ذكرنا أسماءهم وأخبارهم ، وقوله تعالى : { ورسلاً لم نقصصهم عليك } يقتضي كثرة الأنبياء دون تحديد بعدد ، وقد قال تعالى { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير }{[4379]} وقال تعالى : { وقروناً بين ذلك كثيراً }{[4380]} وما يذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح ، الله أعلم بعدتهم ، صلى الله عليهم{[4381]} .
وقوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليماً } إخبار بخاصة موسى ، وأن الله تعالى شرفه بكلامه ثم أكد تعالى الفعل بالمصدر ، وذلك منبىء في الأغلب عن تحقيق الفعل ووقوعه ، وأنه خارج عن وجوه المجاز والاستعارة ، لا يجوز أن تقول العرب : امتلأ الحوض وقال : قطني{[4382]} قولاً ، فإنما تؤكد بالمصادر الحقائق ، ومما شذ قول هند بنت النعمان بن بشير :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وعجت عجيجاً من جذام المطارف{[4383]} .
وكلام الله للنبي موسى عليه السلام دون تكييف ولا تحديد ولا تجويز حدوث ولا حروف ولا أصوات ، والذي عليه الراسخون في العلم : أن الكلام هو المعنى القائم في النفس ، ويخلق الله لموسى أو جبريل إدراكاً من جهة السمع يتحصل به الكلام ، وكما أن الله تعالى موجود لا كالموجودات ، معلوم لا كالمعلومات فكذلك كلامه لا كالكلام ، وما روي عن كعب الأحبار عن محمد بن كعب القرظي ونحوهما : من أن الذي سمع موسى كان كأشد ما يسمع من الصواعق ، وفي رواية أخرى كالرعد الساكن فذلك كله غير مرضي عند الأصوليين ، وقرأ جمهور الأمة «وكلم اللهُ موسى » بالرفع في اسم الله ، وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «وكلم الله » بالنصب على أن موسى هو المكلم ، وهي قراءة ضعيفة من جهة الاشتهار ، لكنها مخرجة من عدة تأويلات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.