وأخيرا يحدد التبعة . فليس الخروج ضربة لازب على من يطيقون ومن لا يطيقون . فالإسلام دين اليسر ولا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها . والذين عجزوا عن النفرة لا تثريب عليهم ولا مؤاخذة لهم ، لأنهم معذورون :
( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ، ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا للّه ورسوله . ما على المحسنين من سبيل ، واللّه غفور رحيم . ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون ) .
ليس على الضعفاء العاجزين عن القتال لعلة في تكوينهم ، أو لشيخوخة تقعدهم ؛ ولا على المرضى الذين لا يستطيعون الحركة والجهد ؛ ولا على المعدمين الذين لا يجدون ما يتزودون به . . ليس على هؤلاء حرج إذا تخلفوا عن المعركة في الميدان ، وقلوبهم مخلصة للّه ورسوله ، لا يغشون ولا يخدعون ، ويقومون بعد ذلك بما يستطيعونه - دون القتال - من حراسة أو صيانة أو قيام على النساء والذرية في دار الإسلام ، أو أعمال أخرى تعود بالنفع على المسلمين . ليس عليهم جناح ، وهم يحسنون بقدر ما يستطيعون ، فلا جناح على المحسنين ، إنما الجناح على المسيئين .
يقول تعالى ليس على أهل الأعذار الصحيحة من ضعف أبدان أو مرض أو زمانة أو عدم نفقة إثم ، و «الحرج » الإثم{[5832]} ، وقوله : { إذا نصحوا } يريد بنياتهم وأقوالهم سراً وجهراً ، وقرأ حيوة «نصحوا الله ورسوله » بغير لام وبنصب الهاء المكتوبة{[5833]} ، وقوله تعالى : { ما على المحسنين من سبيل } الآية ، في لائمة تناط بهم أو تذنيب أو عقوبة ، ثم أكد الرجاء بقوله { والله غفور رحيم } وقرأ ابن عباس «والله لأهل الإساءة غفور رحيم » .
قال القاضي أبو محمد : وهذا على جهة التفسير أشبه منه على جهة التلاوة لخلافه المصحف ، واختلف فيمن المراد بقوله : { الذين لا يجدون ما ينفقون } ، فقالت فرقة : نزلت في بني مقرن .
قال القاضي أبو محمد : وبنو مقرن ستة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وليس في الصحابة ستة إخوة غيرهم ، وقيل كانوا سبعة{[5834]} ، وقيل نزلت في عبد الله بن مغفل المزني ، قاله ابن عباس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.