المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

50- ويتفضل - سبحانه - على من يشاء بالجمع بين الذكور والإناث ، ويجعل من يشاء لا ولد له ، إن الله محيط علمه بكل شيء ، قدير على فعل كل ما يريد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

ويهب لمن يشاء أزواجاً من هؤلاء وهؤلاء . ويحرم من يشاء فيجعله عقيماً [ والعقم يكرهه كل الناس ] . . وكل هذه الأحوال خاضعة لمشيئة الله . لا يتدخل فيها أحد سواه . وهو يقدرها وفق علمه وينفذها بقدرته : ( إنه عليم قدير ) . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أو يزوجهم}: وإن يشأ نصفهم.

{ذكرانا وإناثا} يعني يولد له مرة بنين وبنات ذكورا وإناثا، فنجعلهم له.

{ويجعل من يشاء عقيما}، لا يولد له. {إنه عليم} بخلقه، {قدير} في أمر الولد والعقم وغيره...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"أوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا": يهب لهم إناثا وذكرانا، ويجعل من يشاء عقيما لا يُولدَ له.

"إنّهُ عَلِيم قَدِيرٌ": إن الله ذو علم بما يخلق، وقُدرة على خلق ما يشاء لا يعزب عنه علم شيء من خلقه، ولا يعجزه شيء أراد خلقه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أو يزوّجُهم ذُكرانا وإناثا} التزويج هو الجمع بين الشكلين والمتماثلين في الحقيقة. وقد يسمّى التزويج بين المتضادّين مجازا، والله أعلم. فيكون معنى قوله: {أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا} أي يقرن، ويجمع بين الإناث والذكور، فيهب له من النوعين جميعا حالة واحدة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما فرغ من أقسام الموهوبين الثلاثة، عطف على الإنعام بالهبة سلب ذلك، فقال موضع أن يقال مثلاً: ولا يهب شيئاً من ذلك لمن يشاء: {ويجعل من يشاء عقيماً} أي لا يولد له كيحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام -كذا قالوه، والظاهر أنه لا يصح مثالاً فإنه لم يتزوج، قال ابن ميلق: وأصل العقيم اليبس المانع من قابلية التأثر لما من شأنه أن يؤثر، والداء العقام هو الذي لا يقبل البرء- انتهى. فهذا الذي ذكر أصرح في المراد لأجل ذكر العقم، وأدل على القدرة؛ لأنه شامل لمن له قوة الجماع والإنزال لئلا يظن أن عدم الولد لعدم تعاطي أسبابه، وذكروا في هذا القسم عيسى عليه الصلاة والسلام. ولا يصح لأنه ورد أنه يتزوج بعد نزوله ويولد له، وهذه القسمة الرباعية في الأصول كالقسمة الرباعية في الفروع، بعضهم لا من ذكر ولا أنثى كآدم عليه الصلاة والسلام، وبعضهم من ذكر فقط كحواء عليها السلام، وبعضهم من أنثى فقط كعيسى عليه السلام وبعضهم من ذكر وأنثى وهم أغلب الناس، فتمت الدلالة على أنه ما شاء كان ولا راد له وما لم يشأ لم يكن، ولا مكون له ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

ولما دل هذا الدليل الشهودي على ما بنيت الآية عليه من إثبات الملك له وحده مع ما زادت به من جنس السياق وعذوبة الألفاظ وإحكام الشك وإعجاز الترتيب والنظم، كانت النتيجة قطعاً مؤكدة لتضمن إشراكهم به الطعن في توحده بالملك مقدماً فيها الوصف الذي هو أعظم شروط الملك:

{إنه عليم} أي بالغ العلم بمصالح العباد وغيرها {قدير} شامل القدرة على تكوين ما يشاء.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{إِنَّهُ عَلِيمٌ قدير} جملة في موضع العلة للمبدل منه وهو {يخلق ما يشاء} فموقع (إنّ) هنا موقع فاء التفريع. والمعنى: أن خلقه ما يشاء ليس خلقاً مهملاً عرياً عن الحكمة لأنه واسع العلم لا يفوته شيء من المعلومات فخلقه الأشياء يجري على وفق علمه وحكمته. وهو {قدير} نافذ القدرة فإذا علم الحكمة في خلق شيء أراده، فجرى على قَدَره. ولمّا جمع بين وصفي العلم والقدرة تعين أن هنالك صفة مطوية وهي الإرادة لأنه إنما تتعلق قدرته بعد تعلق إرادته بالكائن.

وتفصيلُ المعنى: أنه عليم بالأسباب والقُوى والمؤثرات التي وضعها في العوالم، وبتوافق آثار بعضها وتخالف بعض، وكيف تتكون الكائنات على نحو ما قُدِّر لها من الأوضاع، وكيف تتظاهر فتأتي الآثار على نسق واحد، وتتمانع فينقص تأثير بعضها في آثاره بسبب ممانعة مؤثراتٍ أخرى وكل ذلك من مظاهر علمه تعالى في أصل التكوين العالمي ومظاهر قدرته في الجري على وفاق علمه.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

ثم يُرقِّى الحق سبحانه عطاءه للعبد، فيقول {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً..} يعني: يزاوج بين النوعين، فيهب لك الذكور ويهب لك الإناث.

{وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً} يعني: يحرم هذه الهبة لحكمة أرادها الله.

وحتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يتعالى أحد على أحد يُعلِّمنا ربنا عز وجل أن مسألة الإنجاب هذه أو عدم الإنجاب لا تؤثر على منازل العباد عند الله تعالى، فحين أهَب الذكور أو الإناث أو أزواج بينهما لا يعني هذا رضاي عن عبدي، وحين أحرمه لا يعني هذا سخطي على عبدي، إنما هي سنتي في خَلْقي أنْ أهبَ الذكور وأنْ أهبَ الإناث، وأنْ أجعل مَنْ أشاء عقيماً.

لذلك تجدون هذه السُّنة نافذة حتى في الرسل الذين هم أكرم الخَلْق على الله، فسيدنا لوط وسيدنا شعيب وهبهما اللهُ الإناثَ، وسيدنا إبراهيم وهبه الله الذكور، وسيدنا محمد وهبه الله الذكور والإناث، فكان له عبد الله والقاسم وإبراهيم وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.

إذن: لكم في رسول الله أسْوة حسنة. والذين يستقبلون أقدار الله في هذه المسألة بالرضا، ويرتفع عندهم مقام الإيمان والتسليم، ويؤمنون أن هذه هبة من الله حتى العقم يعتبرونه هبة، هؤلاء يُعوِّضهم الله، فحين ترضى مثلاً بالبنات وتُربِّيهن أحسن تربية، وتُحسن إليهنَّ يجعل الله لك من أزواجهن مَنْ يُعوِّضك عن الولد، وربما كانوا أبرَّ بك من الأبناء بآبائهم.

وتختتم الآية بقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} والعليم يهب على قَدْر علمه بالأمور، وبما يصلح عبده وما لا يُصلحه، فهو وحده سبحانه الذي يعلم أن هذا يصلح هنا، وهذا يصلح هنا، ثم هو سبحانه {قَدِيرٌ} له القدرة المطلقة في مسألة الخَلْق، لا يعجزه شيء ولا تقيده الأسباب.