إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

{ أَوْ يُزَوجُهُمْ } أي يقرن بين الصنفينِ فيهبهما جميعاً { ذُكْرَاناً وإناثا } قالُوا مَعْنى يُزوِّجَهُم أنْ تَلِدَ غُلاماً ثم جَارِيةً أو جارية ثمَّ غُلاماً أو تلدُ ذكراً وأُنْثى توأمينِ . { وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً } والمَعْنى يجعلُ أحوالَ العبادِ في حقِّ الأولادِ مختلفةً على ما تقتضيِه المشيئةُ فيهن فيهبُ لبعضٍ إمَّا صنفاً واحداً منْ ذكرٍ أو أُنْثى وإمَّا صنفينِ ويُعقمُ آخرَين . ولعلَّ تقديمَ الإناثِ لأنَّها أكثرُ لتكثيرِ النسلِ أو لأنَّ مساقَ الآيةِ للدلالةِ على أنَّ الواقعَ ما تتعلقُ به مشيئته تعالى لا ما تتعلقُ به مشيئة الإنسانِ والإناثُ كذلكَ أو لأنَّ الكلامَ في البلاءِ والعربُ تعدُّهنَّ أعظمَ البَلاَيا أو لتطييبِ قلوبِ آبائِهنَّ أو للمحافظةِ على الفواصلِ ولذلكَ عرَّفَ الذكورَ أو لجبرِ التأخيرِ . وتغييرُ العاطفِ في الثالثِ لأنه قسيمُ المشتركِ بينَ القسمينِ ولا حاجةَ إليهِ في الرابعِ لإفصاحهِ بأنَّ قسيمَ المشتركِ بين الأقسامِ المتقدمةِ وقيلَ : المرادُ بيانُ أحوالِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ حيثُ وهبَ لشعيبَ ولوطٍ إناثاً ولإبراهيمَ ذكوراً وللنبيِّ صلى الله عليه وسلم ذكوراً وإناثاً وجعلَ يحيى وعيسى عقيمينِ { إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } مبالغٌ في العلمِ والقدرةِ فيفعلُ ما فيهِ حكمةٌ ومصلحةٌ .