ولما فرغ من القسمين الأولين عطف عليهما قسيماً لهما ودل على أنه قسم بأو فقال : { أو يزوجهم } أي الأولاء بجعلهم ازواجاً أي صنفين حال كونهم { ذكراناً وإناثاً } مجتمعين في بطن ومنفردين كما منح محمداً صلى الله عليه وسلم ، ورتبهما هنا على الأصل تنبيهاً على أنه ما فعل غير ذلك فيما مضى إلا لنكت جليلة فيجب تطلبها ، وعبر في الذكر بما هو أبلغ في الكثرة ترغيباً في سؤاله ، والخضوع لديه رجاء نواله .
ولما فرغ من أقسام الموهوبين الثلاثة ، عطف على الإنعام بالهبة سلب ذلك ، فقال موضع أن يقال مثلاً : ولا يهب شيئاً من ذلك لمن يشاء : { ويجعل من يشاء عقيماً } أي لا يولد له كيحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام - كذا قالوه ، والظاهر أنه لا يصح مثالاً فإنه لم يتزوج ، قال ابن ميلق ، وأصل العقيم اليبس المانع من قابلية التأثر لما من شأنه أن يؤثر ، والداء العقام هو الذي لا يقبل البرء - انتهى . فهذا الذي ذكر أصرح في المراد لأجل ذكر العقم ، وأدل على القدرة لأنه شامل لمن له قوة الجماع والإنزال لئلا يظن أن عدم الولد لعدم تعاطي أسبابه ، وذكروا في هذا القسم عيسى عليه الصلاة والسلام . ولا يصح لأنه ورد أنه يتزوج بعد نزوله ويولد له ، وهذه القسمة الرباعية في الأصول كالقسمة الرباعية في الفروع ، بعضهم لا من ذكر ولا أنثى كآدم عليه الصلاة والسلام ، وبعضهم من ذكر فقط كحواء عليها السلام ، وبعضهم من أنثى فقط كعيسى عليه السلام وبعضهم من ذكر وأنثى وهم أغلب الناس ، فتمت الدلالة على أنه ما شاء كان ولا راد له وما لم يشأ لم يكن ، ولا مكون له ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع .
ولما دل هذا الدليل الشهودي على ما بنيت الآية عليه من إثبات الملك له وحده مع ما زادت به من جنس السياق وعذوبة الألفاظ وإحكام الشك وإعجاز الترتيب والنظم ، كانت النتيجة قطعاً مؤكدة لتضمن إشراكهم به الطعن في توحده بالملك مقدماً فيها الوصف الذي هو أعظم شروط الملك : { إنه عليم } أي بالغ العلم بمصالح العباد وغيرها { قدير* } شامل القدرة على تكوين ما يشاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.