ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حظه من التقديم والتأخير ، وعرفان تقديمهن لم يكن لتقدمهن ، ولكن لمقتضى آخر فقال : { ذكراناً وإناثاً } ، كما قال : { إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } { فجعل منه الزوجين والذكر والأنثى } انتهى .
وقيل : بدأ بالأنثى ثم ثنى بالذكر ، لتنقله من الغم إلى الفرح .
وقيل : ليعلم أنه لا اعتراض على الله فيرضى .
فإذا وهب له الذكر ، علم أنه زيادة وفضل من الله وإحسان إليه .
وقيل : قدمها تنبيهاً على أنه إذا كان العجز والحاجة لهم ، كانت عناية الله أكثر .
وقال مجاهد : هو أن تلد المرأة غلاماً ، ثم تلد جارية .
وقال محمد بن الحنيفة : أن تلد توأماً ، غلاماً وجارية .
وقال أبو بكر بن العربي : أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً .
قال علماؤنا : يعني آدم ، كانت حواء تلد له في كل بطن توأمين ، ذكراً وأنثى ؛ تزوج ذكر هذا البطن أنثى البطن الآخر . انتهى .
ولما ذكر الهبة في الإناث ، والهبة في الذكور ، اكتفى عن ذكرها في قوله : { أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً } .
ولما كان العقم ليس بمحمود قال : { ويجعل من يشاء عقيماً } ، وهو قسيم لمن يولد له .
ولما كانت الخنثى مما يحزن بوجوده ، لم يذكره تعالى .
قالوا : وكانت الخلقة مستمرة ، ذكراً وأنثى ، إلى أن وقع في الجاهلية الأولى الخنثى ، فسئل فارض العرب ومعمرها عامر بن الظرب عن ميراثه ، فلم يدر ما يقوله وأرجأهم .
فلما جن عليه الليل ، جعل يتقلب وتذهب به الأفكار ، وأنكرت خادمه حاله فسألته ، فقال : بهرت لأمر لا أدري ما أقول فيه ، فقالت له : ما هو ؟ فقال : شخص له ذكر وفرج ، كيف يكون حاله في الميراث ؟ قالت له الأمة : ورثه من حيث يبول ، فعقلها وأصبح فعرضها عليهم ، فرضوا بها .
وجاء الإسلام على ذلك ، وقضى بذلك علي ، كرم الله وجهه ، إنه عليم بمصالح العباد ، قدير على تكوين ما يشاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.