ثم ذكر من أقسام تصرف الله تعالى في العالم أنه يخص البعض بالأولاد و الإناث والبعض بالذكور والبعض بهما ، والبعض بأن يجعله محروماً من الكل وهو المراد بقوله : { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً }{[49506]} .
قوله : { ذُكْرَاناً وَإِنَاثا } حال وهي حال لازمة ؟ وسوغ مجيئها كذلك أنها بعد ما يجوز أن يكون الأمر على خلافه ، لأن معنى يزوجهم يقرنهم{[49507]} .
قال الزمخشري : فإن قلت : لم قدم الإناث على الذكور مع تقديمهم عليهن ثم رجع فقدمهم ؟ ! ولم عرف الذكور بعدما نكَّر الإناث ؟ ! . قلت : لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى ، وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة عنه ، ثم عقبه{[49508]} بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد فقد الإناث ؛ لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاؤه لا ما يشاؤ ( ه ){[49509]} الإنسان ، فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما يشاؤه الإنسان أهم ، والأهم واجب التقديم ، وليليَ الجنس التي كانت العرب تعده بلاء ( ذكر ){[49510]} البلاء ، وآخر الذكور ، فلما أخرهم تدارك تأخيرهم وهم أحقَّاء بالتقديم وبالتَّعريف ، لأن تعريفهم فيه تنويه وتشهير ، كأنه قال : ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم .
ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حظه من التقديم والتأخير وعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لمقتضى آخر فقال : «ذُكْرَاناً وإنَاثاً » ( كَمَا قَالَ : إنَّا ){[49511]} { خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى } [ الحجرات : 13 ] فجعل فيه { الزوجين الذكر والأنثى }{[49512]} .
ثم إنه تعالى ختم الآية بقوله : { إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[49513]} : عليم بما خلق قدير ما يشاء أن يخلقه . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.