المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

2- وأن بيت المقدس كان يسكنه بنو إسرائيل من بعد موسى ، حتى أفسدوا فيه ، فشُرِّدُوا منه من قبل ، مع أننا أعطينا موسى التوراة ، وجعلنا فيها هداية لهم ، وقلنا لهم : لا تتخذوا غير الله معبوداً تفوضون إليه أموركم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

هذا الإسراء آية من آيات الله . وهو نقلة عجيبة بالقياس إلى مألوف البشر . والمسجد الأقصى هو طرف الرحلة . والمسجد الأقصى هو قلب الأرض المقدسة التي أسكنها الله بني إسرائيل ثم أخرجها منها . فسيرة موسى وبني إسرائيل تجيء هنا في مكانها المناسب من سياق السورة في الآيات التالية :

( آتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ؛ ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا . وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا . فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ، وكان وعدا مفعولا . ثم رددنا لكم الكرة عليهم ، وأمددناكم بأموال وبنين ، وجعلناكم أكثر نفيرا . إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ، وإن أسأتم فلها . فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ، وليتبروا ما علوا تتبيرا . عسى ربكم أن يرحمكم ، وإن عدتم عدنا ، وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ) . .

وهذه الحلقة من سيرة بني إسرائيل لا تذكر في القرآن إلا في هذه السورة . وهي تتضمن نهاية بني إسرائيل التي صاروا إليها ؛ ودالت دولتهم بها . وتكشف عن العلاقة المباشرة بين مصارع الأمم وفشو الفساد فيها ، وفاقا لسنة الله التي ستذكر بعد قليل في السورة ذاتها . وذلك أنه إذا قدر الله الهلاك لقرية جعل إفساد المترفين فيها سببا لهلاكها وتدميرها .

ويبدأ الحديث في هذه الحلقة بذكر كتاب موسى - التوراة - وما اشتمل عليه من إنذار لبني إسرائيل وتذكير لهم بجدهم الأكبر - نوح - العبد الشكور ، وآبائهم الأولين الذين حملوا معه في السفينة ، ولم يحمل معه إلا المؤمنون : ( وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ؛ ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ) . .

ذلك الإنذار وهذا التذكير مصداق لوعد الله الذي يتضمنه سياق السورة كذلك بعد قليل . وذلك ألا يعذب الله قوما حتى يبعث إليهم رسولا ينذرهم ويذكرهم .

وقد نص على القصد الأول من إيتاء موسى الكتاب : ( هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ) فلا يعتمدوا إلا على الله وحده ، ولا ليتجهوا إلا إلى الله وحده . فهذا هو الهدى ، وهذا هو الإيمان . فما آمن ولا اهتدى من اتخذ من دون الله وكيلا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَآتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاّ تَتّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً وآتى موسى الكتاب ، وردّ الكلام إلى وآتَيْنا وقد ابتدأ بقوله أسرى لما قد ذكرنا قبل فيما مضى من فعل العرب في نظائر ذلك من ابتداء الخبر بالخبر عن الغائب ، ثم الرجوع إلى الخطاب وأشباهه . وعنى بالكتاب الذي أوتى موسى : التوراة . وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِي إسْرَائِيلَ يقول : وجعلنا الكتاب الذي هو التوراة بيانا للحقّ ، ودليلاً لهم على محجة الصواب فيما افترض عليهم ، وأمرهم به ، ونهاهم عنه .

وقوله : ألاّ تَتّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ألاّ تَتّخِذُوا بالتاء بمعنى : وآتينا موسى الكتاب بأن لا تتخذوا يا بني إسرائيل مِنْ دُونِي وَكيِلاً . وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة : «ألاّ يَتّخِذُوا » بالياء على الخبر عن بني إسرائيل ، بمعنى : وجعلناه هدى لبني إسرائيل ، ألا يتّخذ بنو إسرائيل ، من دوني وكيلاً ، وهما قراءتان صحيحتا المعنى ، متفقتان غير مختلفتين ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب ، غير أني أوثر القراءة بالتاء ، لأنها أشهر في القراءة وأشدّ استفاضة فيهم من القراءة بالياء . ومعنى الكلام : وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا حفيظا لكم سواي . وقد بينا معنى الوكيل فيما مضى . وكان مجاهد يقول : معناه في هذا الموضع : الشريك .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ألاّ تَتّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً قال : شريكا .

وكأن مجاهدا جعل إقامة من أقام شيئا سوى الله مقامه شريكا منه له ، ووكيلاً للذي أقامه مقام الله . وبنحو الذي قلنا في تأويل هذه الاَية ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وآتَيْنا مُوسَى الكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِي إسْرَائِيلَ جعله الله لهم هدى ، يخرجهم من الظلمات إلى النور ، وجعله رحمة لهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

{ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدا لبني إسرائيل ألا تتخذوا } على أن لا تتخذوا كقولك : كتبت إليك أن افعل كذا . وقرأ أبو عمرو بالياء على " أن لا يتخذوا " . { من دوني وكيلاً } رباً تكلون إليه أموركم غيري .