المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ فَزِعُواْ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (51)

51- ولو ترى - أيها المبصر - حين فزع الكفار عند ظهور الحق فلا مهرب لهم ، وأخذوا إلى النار من مكان قريب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ فَزِعُواْ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (51)

{ 51 - 54 } { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ }

يقول تعالى { وَلَوْ تَرَى } أيها الرسول ، ومن قام مقامك ، حال هؤلاء المكذبين ، { إِذْ فَزِعُوا } حين رأوا العذاب ، وما أخبرتهم به الرسل ، وما كذبوا به ، لرأيت أمرا هائلا ، ومنظرا مفظعا ، وحالة منكرة ، وشدة شديدة ، وذلك حين يحق عليهم العذاب .

فليس لهم عنه مهرب ولا فوت { وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ } أي : ليس بعيدا عن محل العذاب ، بل يؤخذون ، ثم يقذفون في النار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ فَزِعُواْ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (51)

واختلف المتأولون في قوله تعالى : { لو ترى } الآية ، فقال ابن عباس والضحاك : هذا في عذاب الدنيا ، وروي أن ابن أبزى{[9674]} قال ذلك في جيش يغزو الكعبة فيخسف بهم في بيداء من الأرض ولا ينجو إلا رجل من جهينة فيخبر الناس بما نال الجيش قالوا بسببه قيل :

وعند جهينة الخبر اليقين{[9675]}

وهذا قول سعيد ، وروي في هذا المعنى حديث مطول عن حذيفة وذكر الطبري أنه ضعيف السند مكذوب فيه على رواد بن الجراح{[9676]} ، وقال قتادة : ذلك في الكفار عند الموت ، وقال ابن زيد : ذلك في الكفار في بدر ونحوها ، وقال الحسن بن أبي الحسن : ذلك في الكفار عند خروجهم من القبور في القيامة .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا أرجح الأقوال عندي ، وأما معنى الآية فهو التعجيب من حالهم إذا فزعوا من أخذ الله إياهم ولم يتمكن لهم أن يفوت منهم أحد ، وقوله { من مكان قريب } معناه أنهم للقدرة قريب حيث كانوا قبل من تحت الأقدام ، وهذا يتوجه على بعض الأقوال والذي يعم جميعها أن يقال إن الأخذ يجيئهم من قرب في طمأنينتهم ويعقبها بينا الكافر يؤمل ويظن ويترجى إذ غشيه الأخذ ، ومن غشيه أخذ من قريب ، فلا حيلة له ولا روية ، وقرأ الجمهور «وأخذوا » ، وقرأ طلحة بن مصرف «فلا فوت وأخذ » ، كأنه قال وجاء لهم أخذ{[9677]} من مكان قريب .


[9674]:في الأصل:"وروي أن أبزى"، والصواب ماذكرناه.
[9675]:هذا عجز بيت من الوافر، وقد صار مثلا يضرب في معرفة حقيقة الشيء، وقد ذكر الميداني قصة المثل في "مجمع الأمثال" في خبر طويل خلاصته أن رجلا من جهينة اسمه الأخنس بن كعب أحدث في قومه أمرا ثم فرّ هاربا، فلقي حصين بن عمرو الكلابي، وكان قد خرج من قومه أيضا لأمر قد أحدثه، وتعارفا، ثم صحبا كل منهما صاحبه على حذر، ومضيا يقطعان الطريق على الناس، حتى التقيا برجل من لخم يتناول الطعام ومعه أموال كثيرة، فدعاهما لطعامه فأكلا وشربا وتحدثا، ثم ابتعد حصين لبعض أمره، فقتل الجهيني اللخمي، فلما عاد حصين فوجئ بذلك، فلام صاحبه على فعلته، وقال: ويحك، فتكت برجل قد ترحمنا بطعامه وشرابه، ثم غافل الجهيني حصينا وقتله، وأخذ متاعه ومتاع اللخمي وعاد إلى قومه، وفي الطريق التقى بامرأة حصين تسأل عنه فأخبرها أنه قتل زوجها، ثم وقف في القوم يقول أبياتا منها: تسائل عن حصين كل ركب وعند جهينة الخبر اليقين جهينة معشري وهم ملوك إذا طلبوا المعالي لم يهونوا وقال الأصمعي، وابن الأعرابي: اسمه جفينة بالفاء، وكان عنده خبر رجل مقتول، وفيه يقول الشاعر: تسائل عن أبيها كل ركب وعند جفينة الخبر اليقين
[9676]:في الأصل:"على رواد بن الجراح"، والتصويب عن الطبري وفيه، حدثنا عصام بن رواد بن الجراح...الخ"، والخبر بطوله هناك.
[9677]:قال ابن جني: يجوز أن يكون فاعلا لفعل محذوف، والتقدير: وأحاط بهم أخذ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: وهناك أخذ لهم.