فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ فَزِعُواْ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (51)

ثم ذكر سبحانه حالاً من أحوال الكفار ، فقال : { وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ } ، والخطاب لرسول الله ، أو لكل من يصلح له قيل : المراد فزعهم عند نزول الموت بهم . وقال الحسن : هو فزعهم في القبور من الصيحة ، وقال قتادة : هو فزعهم إذا خرجوا من قبورهم . وقال السدّي : هو فزعهم يوم بدر حين ضربت أعناقهم بسيوف الملائكة ، فلم يستطيعوا فراراً ولا رجوعاً إلى التوبة . وقال ابن مغفل : هو فزعهم إذا عاينوا عقاب الله يوم القيامة . وقال سعيد بن جبير : هو الخسف الذي يخسف بهم في البيداء ، فيبقى رجل منهم ، فيخبر الناس بما لقي أصحابه فيفزعون . وجواب لو محذوف ، أي لرأيت أمراً هائلاً ، ومعنى { فَلاَ فَوْتَ } فلا يفوتني أحد منهم ، ولا ينجو منهم ناجٍ . قال مجاهد : فلا مهرب { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } من ظهر الأرض ، أو من القبور ، أو من موقف الحساب . وقيل : من حيث كانوا ، فهم من الله قريب لا يبعدون عنه ، ولا يفوتونه . قيل ويجوز أن يكون هذا الفزع هو الفزع الذي بمعنى : الإجابة ، يقال : فزع الرجل : إذا أجاب الصارخ الذي يستغيث به كفزعهم إلى الحرب يوم بدر .

/خ54