التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ فَزِعُواْ فَلَا فَوۡتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ} (51)

وأخيرا نرى سورة " سبأ " تختتم بهذه الآيات ، التى تصور تصويرا مؤثرا ، حالة الكافرين عندما يخرجون من قبولهم للبعث والحساب ، يعلوهم الهلع والفزع ، ويحال بينهم وبين ما يشيتهون ، لأن توبتهم جاءت فى غير أوانها . . . قال - تعالى - : { وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ . . . فِي شَكٍّ مَّرِيبٍ } .

وجواب { لَوْ } محذوف . وكذلك مفعول { ترى } . والفزع : حالة من الخوف والرعب تعترى الإِنسان عندما يشعر بما يزعجه ويخفيه . والفوت : النجاة والمهرب ، وهذا الفزع للكافرين يكون عند خروجهم من قبورهم للبعث والحساب ، أو عند قبض أرواحهم .

أى : ولو ترى - أيها العاقل - حال الكافرين ، وقت خروجهم من قبورهم للحساب ، وقد اعتراهم الفزع والهلع . . لرأيت شيئا هائلا ، وأمرا عظيما . .

وقوله { فَلاَ فَوْتَ } أى : فلا مهرب لهم ولا نجاة يومئذ من الوقوف بين يدى الله - تعالى - للحساب ، ولمعاقبتهم على كفرهم وجحودهم . .

وقوله : { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } معطوف على { فَزِعُواْ } أى : فزعوا دون أن ينفعهم هذا الفزع ، وأخذوا ليلقوا مصيرهم السيئء من مكان قريب من موقف الحساب .

قال الآلوسى : والمراد بذكر قرب المكان ، سرعة نزول العذاب بهم والاستهانة بهم وبهلاكهم ، وإلا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله - عز وجل - . .