بدئت هذه السورة بتنزيه من خلق الأشياء فجعلها سواء في الإتقان ، قدر لكل شيء ما يصلحه ، فهداه إليه ، وأنبت المرعى فجعله غثاء أحوى ، ثم أخبرت الآيات أن الله سيقرئ رسوله القرآن ، فيحفظه ولا ينسى منه شيئا إلا ما شاء الله ، ويسره لليسرى ، ثم أمرت الرسول إن يذكر بالقرآن ليذكر من يخشى ، ويتجنب الذكرى الأشقى الذي يصلى النار الكبرى . وأكدت الآيات أن الفلاح لمن تزكى وذكر اسم ربه فصلى . وختمت السورة ببيان أن ما جاء فيها ثابت في الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى .
{ 1 - 19 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }
يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته ، والخضوع لجلاله ، والاستكانة لعظمته ، وأن يكون تسبيحا ، يليق بعظمة الله تعالى ، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم{[1406]} الجليل .
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأعلى وهي مكية في قول الجمهور وحكى النقاش عن الضحاك أنها مدنية وذلك ضعيف وإنما دعا إليه قول من قال : إن ذكر صلاة العيد فيها . {[1]}
{ سبح } في هذه الآية ، بمعنى نزه وقدس وقل سبحانه عن النقائص والغير {[11744]}جمعاً وما يقول المشركون ، والاسم الذي هو : ألف ، سين ، ميم ، يأتي في مواضع من الكلام الفصيح يراد به المسمى ، ويأتي في مواضع يراد به التسمية نحو قوله عليه السلام : «إن لله تسعة وتسعين اسماً »{[11745]} وغير ذلك ، ومعنى أريد به المسمى فإنما هو صلة كالزائد كأنه قال في هذه الآية : سبح ربك ، أي نزهه ، وإذا كان الاسم واحداً من الأسماء كزيد وعمرو ، فيجيء في الكلام على ما قلت ، تقول زيد قائد تريد المسمى ، وتقول : زيد ثلاثة أحرف تريد به التسمية ، وهذه الآية تحتمل هذا الوجه الأول ، وتحتمل أن يراد بالاسم التسمية نفسها على معنى نزاه اسم ربك عن أن يسمى به صنم أو وثن ، فيقال له إله ورب ونحو ذلك ، و { الأعلى } يصح أن يكون صفة للاسم ، ويحتمل أن يكون صفة للرب ، وذكر الطبري أن ابن عمر وعلياً قرآ هذه السورة : «سبحان ربي الأعلى » قال وهي في مصحف أبيّ بن كعب كذلك ، وهي قراءة أبي موسى الأشعري وابن الزبير ومالك بن أبي دينار ، وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : «سبحان ربي الأعلى {[11746]} » ، وكان ابن مسعود وابن عامر وابن الزبير يفعلون ذلك ، ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجعلوها في سجودكم »{[11747]} ، وقال قوم : معنى { سبح اسم ربك } نزه اسم ربك تعالى عن أن تذكره إلا وانت خاشع ، وقال ابن عباس معنى الآية : صلّ باسم ربك الأعلى كما تقول ابدأ باسم الله ، وحذف حرف الجر
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.