المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (187)

187- أحَلَّ الله لكم ليلة الصوم إتيان نسائكم لاختلاطكم بهن واختلاطهن بكم في النهار والمبيت ، ولعسر ابتعادكم عنهن وتخفيفاً عليكم . وقد علم الله أنكم كنتم تنقصون حظ نفوسكم وتظلمونها ، فتحرمون عليها إتيان النساء في ليل رمضان فتاب عليكم من الغلو وعفا عنكم ، والآن وقد تبين لك حِلُّ ذلك فلا تتحرجوا من مباشرتهن ، وتمتعوا بما أباحه الله لكم وكلوا واشربوا في ليل رمضان حتى يظهر لكم نور الفجر ، متميزاً من ظلام الليل ، كما يتميز الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وإذا ظهر ذلك فصوموا وأتموا الصيام إلى غروب الشمس .

وإذا كان الصيام من العبادات التي يجب التفرغ لها والتجرد فيها من شهوات النفس ومقاربة النساء في نهار الصوم ، فكذلك عبادة الاعتكاف في المساجد وملازمتها توجب الخلوَّ لها وعدم التمتع بالنساء ما دام المرء ملتزماً بها . وما شرع الله لكم في الصوم والاعتكاف حدود وضعها الله لكم فحافظوا عليها ولا تقربوها لتتجاوزوا أوامرها ، وقد أوسع الله في بيانها للناس على هذا النحو ليتقوها ويتجنبوا تبعاتها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (187)

ثم قال تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

كان في أول فرض الصيام ، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع ، فحصلت المشقة لبعضهم ، فخفف الله تعالى عنهم ذلك ، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع ، سواء نام أو لم ينم ، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به .

{ فتاب } الله { عليكم } بأن وسع لكم أمرا كان - لولا توسعته - موجبا للإثم { وعفا عنكم } ما سلف من التخون .

{ فالآن } بعد هذه الرخصة والسعة من الله { باشروهن } وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك .

{ وابتغوا ما كتب الله لكم } أي : انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء ، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته ، وحصول مقاصد النكاح .

ومما كتب الله لكم ليلة القدر ، الموافقة لليالي صيام رمضان ، فلا ينبغي لكم أن تشتغلوا بهذه اللذة عنها وتضيعوها ، فاللذة مدركة ، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك .

{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } هذا غاية للأكل والشرب والجماع ، وفيه أنه إذا أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر فلا بأس عليه .

وفيه : دليل على استحباب السحور للأمر ، وأنه يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد .

وفيه أيضا دليل على أنه يجوز أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل ، ويصح صيامه ، لأن لازم إباحة الجماع إلى طلوع الفجر ، أن يدركه الفجر وهو جنب ، ولازم الحق حق .

{ ثم } إذا طلع الفجر { أتموا الصيام } أي : الإمساك عن المفطرات { إلى الليل } وهو غروب الشمس ولما كان إباحة الوطء في ليالي الصيام ليست إباحته{[126]}  عامة لكل أحد ، فإن المعتكف لا يحل له ذلك ، استثناه بقوله : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } أي : وأنتم متصفون بذلك ، ودلت الآية على مشروعية الاعتكاف ، وهو لزوم المسجد لطاعة الله [ تعالى ] ، وانقطاعا إليه ، وأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد .

ويستفاد من تعريف المساجد ، أنها المساجد المعروفة عندهم ، وهي التي تقام فيها الصلوات الخمس .

وفيه أن الوطء من مفسدات الاعتكاف .

{ تلك } المذكورات - وهو تحريم الأكل والشرب والجماع ونحوه من المفطرات في الصيام ، وتحريم الفطر على غير المعذور ، وتحريم الوطء على المعتكف ، ونحو ذلك من المحرمات { حدود الله } التي حدها لعباده ، ونهاهم عنها ، فقال : { فلا تقربوها } أبلغ من قوله : " فلا تفعلوها " لأن القربان ، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه ، والنهي عن وسائله الموصلة إليه .

والعبد مأمور بترك المحرمات ، والبعد منها غاية ما يمكنه ، وترك كل سبب يدعو إليها ، وأما الأوامر فيقول الله فيها : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } فينهى عن مجاوزتها .

{ كذلك } أي : بيَّن [ الله ] لعباده الأحكام السابقة أتم تبيين ، وأوضحها لهم أكمل إيضاح .

{ يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون } فإنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه ، وإذا تبين لهم الباطل اجتنبوه ، فإن الإنسان قد يفعل المحرم على وجه الجهل بأنه محرم ، ولو علم تحريمه لم يفعله ، فإذا بين الله للناس آياته ، لم يبق لهم عذر ولا حجة ، فكان ذلك سببا للتقوى .


[126]:- في ب: إباحة.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (187)

{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } روي أن المسلمين كانوا إذا أمسوا حل لهم الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلوا العشاء الآخرة أو يرقدوا ، ثم : إن عمر رضي الله عنه باشر بعد العشاء فندم وأتى النبي صلى الله عليه وسلم واعتذر إليه فقام رجال واعترفوا بما صنعوا بعد العشاء فنزلت وليلة الصيام : الليلة التي تصبح منها صائما ، والرفث : كناية عن الجماع ، لأنه لا يكاد يخلو من رفث وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه ، وعدي بإلى لتضمنه معنى الإفضاء ، وإيثاره ههنا لتقبيح ما ارتكبوه ولذلك سماه خيانة . وقرئ الرفوث { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } استئناف يبين سبب الإحلال وهو قلة الصبر عنهن ، وصعوبة اجتنابهن لكثرة المخالطة وشدة الملابسة ، ولما كان الرجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كل منهما على صاحبه شبه باللباس قال الجعدي :

إذا ما الضجيع ثنى عطفها *** تثنت فكانت عليه لباسا

أو لأن كل واحد منهما يستر حال صاحبه ويمنعه من الفجور . { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } تظلمونها بتعريضها للعقاب ، وتنقيص حظها من الثواب ، والاختيان أبلغ من الخيانة كالاكتساب من الكسب . { فتاب عليكم } لما تبتم مما اقترفتموه . { وعفا عنكم } ومحا عنكم أثره . { فالآن باشروهن } لما نسخ عنكم التحريم وفيه دليل على جواز نسخ السنة بالقرآن ، والمباشرة : إلزاق البشرة كني به عن الجماع . { وابتغوا ما كتب الله لكم } واطلبوا ما قدره لكم وأثبته في اللوح المحفوظ من الولد ، والمعنى أن المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد فإنه الحكمة من خلق الشهوة ، وشرع النكاح لإقضاء الوطر ، وقيل النهي عن العزل ، وقيل عن غير المأتي . والتقدير وابتغوا المحل الذي كتب الله لكم . { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } شبه أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتد معه من غبش الليل ، بخيطين أبيض وأسود ، واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله { من الفجر } عن بيان { الخيط الأسود } ، لدلالته عليه . وبذلك خرجا عن الاستعارة إلى التمثيل . ويجوز أن تكون من للتبعيض ، فإن ما يبدو بعض الفجر . وما روي أنها نزلت ولم ينزل من الفجر ، فعمد رجال إلى خيطين أسود وأبيض ولا يزالون يأكلون ويشربون حتى يتبينا لهم فنزلت ، إن صح فلعله كان قبل دخول رمضان وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائزة ، أو أكتفي أولا باشتهارهما في ذلك ثم صرح بالبيان لما التبس على بعضهم وفي تجويز المباشرة إلى الصبح الدلالة على جواز تأخير الغسل إليه وصحة صوم المصبح جنبا { ثم أتموا الصيام إلى الليل } بيان لآخر وقته ، وإخراج الليل عنه فينفي صوم الوصال { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } معتكفون فيها والاعتكاف هو اللبث في المسجد بقصد القربة . والمراد بالمباشرة : الوطء . وعن قتادة كان الرجل يعتكف فيخرج إلى امرأته فيباشرها ثم يرجع فنهوا عن ذلك . وفيه دليل على أن الاعتكاف يكون في المسجد ولا يختص بمسجد دون مسجد . وأن الوطء يحرم فيه ويفسده لأن النهي في العبادات يوجب الفساد { تلك حدود الله } أي الأحكام التي ذكرت . { فلا تقربوها } نهى أن يقرب الحد الحاجز بين الحق والباطل لئلا يداني الباطل ، فضلا عن أن يتخطى عنه . كما قال عليه الصلاة والسلام : " إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه " وهو أبلغ من قوله { فلا تعتدوها } ، ويجوز أن يريد ب{ حدود الله } محارمه ومناهيه . { كذلك } مثل ذلك التبيين { يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون } مخالفة الأوامر والنواهي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (187)

انتقال في أحكام الصيام إلى بيان أعمال في بعض أزمنة رمضان قد يظن أنها تنافي عبادة الصيام ، ولأجل هذا الانتقال فُصلت الجملة عن الجمل السابقة .

وذكروا لسبب نزول هذه الآية كلاماً مضطرباً غير مُبيّن فروى أبو داود عن معاذ بن جبل كان المسلمون إذا نام أحدهم إذا صلى العِشاء وسهر بعدها لم يأكل ولم يباشر أهله بعد ذلك فجاء عُمر يريد امرأتْه فقالت : إني قد نمت فظن أنها تعْتَلُّ فباشرها ، وروى البخاري عن البراء بن عازب أن قيس بن صرمة جاء إلى منزله بعد الغروب يريد طعامه فقالت له امرأته : حتى نسخنَ لك شيئاً فنام فجاءت امرأته فوجدته نائماً فقالت : خيبةً لك ، فبقي كذلك فلما انتصف النهار أغمي عليه من الجوع ، وفي كتاب التفسير من صحيح البخاري { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فالئن باشروهن وابتغوا مَا كَتَبَ الله لَكُمْ } عن حديث البراء بن عاوب قال : لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله تعالى : { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } الآية ، ووقع لكعب بن مالك مثل ما وقع لعمر ، فنزلت هذه الآية بسبب تلك الأحداث ، فقيل : كان ترك الأكل ومباشرة النساء من بعد النوم أو من بعد صلاة العشاء حكماً مشروعاً بالسُّنة ثم نسخ ، وهذا قول جمهور المفسرين ، وأنكر أبو مسلم الأصفهاني أن يكون هذا نسخاً لشيء تقرر في شرعنا وقال : هو نسخ لما كان في شريعة النصارى .

وما شرع الصوم إلاّ إمساكاً في النهار دون الليل فلا أحسب أن الآية إنشاء للإباحة ولكنها إخبار عن الإباحة المتقررة في أصل توقيت الصيام بالنهار ، والمقصود منها إبطال شيء توهمه بعض المسلمين وهو أن الأكل بين الليل لا يتجاوز وقتين وقت الإفطار ووقت السحور وجعلوا وقت الإفطار هو ما بين المغرب إلى العشاء ، لأنهم كانوا ينامون إثر صلاة العشاء وقيامها فإذا صلوا العشاء لم يأكلوا إلاّ أكلة السحور وأنهم كانوا في أمر الجماع كشأنهم في أمر الطعام وأنهم لما اعتادوا جعل النوم مبدأ وقت الإمساك الليلي ظنوا أن النوم إن حصل في غير إبانة المعتاد يكون أيضاً مانعاً من الأكل والجماعِ إلى وقت السحور وإن وقت السحور لا يباح فيه إلاّ الأكل دون الجماع ؛ إذ كانوا يتأثمون من الإصباح في رمضان على جنابة ، وقد جاء في « صحيح مسلم » أن أبا هريرة كان يرى ذلك يعني بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل هذا قد سرى إليْهم من أهل الكتاب كما يقتضيه ما رواه محمد بن جرير من طريق السدي ، ولعلهم التزموا ذلك ولم يسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل ذلك لم يتجاوز بعض شهر رمضان من السنة التي شرع لهم فيها صيام رمضان فحدثت هذه الحوادث المختلفة المتقاربة ، وذكر ابن العربي في « العارضة » عن ابن القاسم عن مالك كان في أول الإسلام من رقد قبل أن يَطْعَم لم يَطعم من الليل شيئاً فأنزل الله : { فالئن باشروهن } فأكلوا بعد ذلك فقوله تعالى : { علم الله } دليل على أن القرآن نزل بهذا الحكم لزيادة البيان ؛ إذ علم الله ما ضيق به بعض المسلمين على أنفسهم وأوحى به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا يشير إلى أن المسلمين لم يُفشوا ذلك ولا أخبروا به رسول الله ولذلك لا نجد في روايات البخاري والنسائي أن الناس ذكروا ذلك لرسول الله إلاّ في حديث قيْس بن صِرمة عند أبي داود ولعله من زيادات الراوي .

فأَما أن يكون ذلك قد شرع ثم نسخ فلا أحسبه ، إذ ليس من شأن الدين الذي شرع الصوم أولَ مرة يوماً في السنة ثم درَّجه فشرع الصوم شهراً على التخيير بينه وبين الإطعام تخفيفاً على المسلمين أن يفرضه بعد ذلك ليلاً ونهاراً فلا يبيح الفطر إلاّ ساعات قليلة من الليل .

ولَيْلةُ الصيام الليلةُ التي يعقبها صيام اليوم الموالي لها جرياً على استعمال العرب في إضافة الليلة لليوم الموالي لها إلاّ ليلةَ عرفة فإن المراد بها الليلة التي بعد يوم عرفة .

والرَّفث في « الأساس » و« اللسان » أن حقيقته الكلام مع النساء في شؤون الالتذاذ بهن ثم أطلق على الجماع كناية ، وقيل هو حقيقة فيهما وهو الظاهر ، وتعديته بإلى ليتعين المعنى المقصود وهو الإفضاء .

وقول : { هن لباس لكم } جملة مستأنفة كالعلة لما قبلها أي أحل لعُسر الاحتراز عن ذلك ، ذلك أن الصوم لو فرض على الناس في الليل وهو وقت الاضطجاع لكان الإمساك عن قربان النساء في ذلك الوقت عنتاً ومشقة شديدة ليست موجودة في الإمساك عن قربانهن في النهار ؛ لإمكان الاستعانة عليه في النهار بالبعد عن المرأة ، فقوله تعالى : { هن لباس لكم } استعارة بجامع شدة الاتصال حينئذٍ وهي استعارة أحياها القرآن ، لأن العرب كانت اعتبرتها في قوله : لابَسَ الشيءُ الشيءَ ، إذا اتصل به لكنهم صيروها في خصوص زنة المفاعلة حقيقةً عُرفية فجاء القرآن فأحياها وصيَّرها استعارة أَصلية جديدة بعد أن كانت تبعية منسية وقريبٌ منها قول امرىء القيس :

* فسُلِّي ثيابي من ثيابكِ تَنْسِلِ *

و { تختانون } قال الراغب : « الاختيان مراودة الخيانة » بمعنى أنه افتعال من الخون وأصله تَخْتَوِنُون فصارت الواو ألِفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وخيانة الأنفس تمثيل لتكليفها ما لم تكلف به كأنَّ ذلك تعزيرٌ بها ؛ إذ يوهمها أن المشقة مشروعة عليها وهي ليست بمشروعة ، وهو تمثيل لمغالطتها في الترخص بفعل ما ترونه محرماً عليكم فتُقْدِمُون تارة وتحجمون أخرى كمن يحاول خيانة فيكون كالتمثيل في قوله تعالى : { يخادعون } [ البقرة : 9 ] .

والمعنى هنا أنكم تلجئونها للخيانة أو تنسبونها لها ، وقيل : الاختيان أشد من الخيانة كالاكتساب والكَسب كما في « الكشاف » قلت : وهو استعمال كما قال تعالى : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } [ النساء : 107 ] .

وقوله تعالى : { فالئن باشروهن } الأمر للإباحة ، وليس معنى قوله { فالئن } إشارة إلى تشريع المباشرة حينئذٍ بل معناه فاللآن اتضح الحكم فباشروهن ولا تختانوا أنفسكم . والابتغاء الطلب ، وما كتبه الله : ما أباحه من مباشرة النساء في غير وقت الصيام أو اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد تحريضاً للناس على مباشرة النساء عسى أن يتكون النسل من ذلك وذلك لتكثير الأمة وبقاء النوع في الأرض .

عطف على { باشروهن } ، والخيط سلك الكتان أو الصوف أو غيرهما يلفق به بين الثياب بشدة بإبرة أو مِخْيَطٍ ، يقال خاط الثوب وخَيَّطه . وفي خبر قبور بني أمية أنهم وجدوا معاوية رضي الله عنه في قبره كالخيط ، والخيط هنا يراد به الشعاع الممتد في الظلام والسوادُ الممتد بجانبه قال أبو دؤاد من شعراء الجاهلية :

فَلَمَّا أَضَاءَت لَنَا سَدْفَةٌ{[176]} *** ولاَحَ من الصُّبْح خَيْطٌ أَنَارَا .

وقوله : { من الفجر } منْ ابتدائية أي الشعاع الناشىء عن الفجر ، وقيل بيانية وقيل تبعيضية وكذلك قول أبي دُؤَاد « من الصبح » لأن الخيط شائع في السلك الذي يخاط به فهو قرينة إحدى المعنيين للمشترك ، وجعله في « الكشاف » تشبيهاً بليغاً ، فلعله لم يثبت عنده اشتهار إطلاقه على هذا المعنى في غير بعض الكلام ، كالآية وبيت أبي دُؤاد ، وعندي أن القرآن ما أطلقه إلاّ لكونه كالنص في المعنى المراد في اللغة الفصحى دون إرادة التشبيه لأنه ليس بتشبيه واضح .

وقد جيء في الغاية بحتى وبالتَّبَيُّن للدلالة على أن الإمساك يكون عند اتضاح الفجر للناظر وهو الفجر الصادق ، ثم قوله تعالى : { حتى يتبين } تحديد لنهاية وقت الإفطار بصريح المنطوق ؛ وقد علم منه لا محالة أنه ابتداء زمن الصوم ، إذ ليس في زمان رمضان إلاّ صوم وفطر وانتهاء أحدهما مبدأ الآخر فكان قوله : { أتموا الصيام إلى الليل } بياناً لنهاية وقت الصيام ولذلك قال تعالى : { ثم أتموا } ولم يقل ثم صوموا لأنهم صائمون من قبل .

و { إلى الليل } غاية اختير لها ( إلى ) للدلالة على تعجيل الفطر عند غروب الشمس لأن إلى لا تمتد معها الغاية بخلاف حتى ، فالمراد هنا مقارنة إتمام الصيام بالليل .

واعلم أن ثم في عطف الجمل للتراخي الرتبي وهو اهتمام بتعيين وقت الإفطار ، لأن ذلك كالبشارة لهم ، ولا التفات إلى ما ذهب إليه أبو جعفر الخباز السمرقندي من قدماء الحنفية من الاستدلال بثم في هاته الآية على صحة تأخير النية عن الفجر احتجاجاً لمذهب أبي حنيفة من جواز تأخير النية إلى الصحوة الكبرى .

بناء على أن ثم للتراخي وأن إتمام الصيام يستلزم ابتداءه ، فكأنه قال ثم بعد تبيين الخيطين من الفجر صوموا أو أتموا الصيام إلى الليل فينتج معنى صوموا بعد تراخ عن وقت الفجر وهو على ما فيه من التكلف والمصير إلى دلالة الإشارة الخفيفة غفلة عن معنى التراخي في عطف ( ثم ) للجمل .

هذا ، وقد رويت قصة في فهم بعض الصحابة لهذه الآية وفي نزولها مفرقة ، فروى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : " لما نزلت { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } عمدت إلى عِقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي الأبيض من الأسود فغدوت على رسول الله فذكرتُ له ذلك فقال رسول الله : إن وِسادَك لعَرِيض ، وفي رواية : إنك لعَرِيض القفا ، إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار " .

ورَوَيا عن سهل بن سعد قال نزلت : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل { من الفجر } فكانَ رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأْكل حتى تتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعدُ { من الفجر } ، فيظهر من حديث سهل بن سعد أن مثل ما عمله عدي بن حاتم قد كان عمله غيره من قبلِه بمدة طويلة ، فإن عَدِياً أَسلَمَ سنة تسع أو سنة عشر ، وصيام رمضان فُرض سنة اثنتين ولا يُعقل أن يبقَى المسلمون سبع أو ثمانيَ سنين في مثل هذا الخطأ ، فمحل حديث سهل بن سعد على أن يكون ما فيه وقع في أول مُدة شرع الصيام ، ومحمل حديث عدي بن حاتم أن عدياً وقع في مثل الخطأ الذي وقع فيه مَن تقدموه ، فإن الذي عند مسلم عن عبد الله بن إدريس عن حصين عن الشعبي عن عدي أنه قال لما نزلت : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } الخ فهو قد ذكر الآية مستكملة ، فيتعين أن يكون محمل حديث سهل بن سعد على أن ذلك قد عمله بعض الناس في الصوم المفروض قبلَ فَرْض رمضان أي صومِ عاشوراء أو صومِ النَّذْر وفي صوم التَّطوع ، فلما نزلت آية فرض رمضان وفيها { من الفجر } علموا أن ما كانوا يعملونه خطأ ، ثم حَدث مثل ذلك لعدي بن حاتم .

وحديث سهل لا شبهة في صحة سنده إلاّ أنه يحتمل أن يكون قوله فيه ولم ينزل { من الفجر } وقوله فأنزل الله بعد ذلك { مِن الفجر } مروياً بالمعنى فجاء راويه بعبارات قلقة غير واضحة ، لأنه لم يقع في « الصحيحين » إلاّ من رواية سعيد بن أبي مريم عن أبي غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد فقال الراوي : « فأنزل بعد أو بعدَ ذلك من الفجر » وكان الأوضح أن يقول فأنزل الله بعدُ : { وكلوا واشربوا } إلى قوله { من الفجر } .

وأيّاً ما كان فليس في هذا شيء من تأخير البيان ، لأن معنى الخيط في الآية ظاهر للعرب ، فالتعبير به من قبيل الظاهر لا من قبيل المجمل ، وعدمُ فهم بعضهم المرادَ منه لا يقدح في ظهور الظاهر ، فالذين اشتبه عليهم معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود ، فهموا أَشهر معاني الخيط وظَنوا أن قوله : { من الفجر } متعلق بفعل { يتبين } على أن تكون ( مِنْ ) تعليلية أي يكون تبينه بسبب ضوء الفجر ، فصنعوا ما صنعوا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم « إنّ وسادك لعريض أو إنك لعريض القفا » كناية عن قلة الفِطنة وهي كناية موجهة من جوامع كلمه عليه السلام .

وقوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون } عطف على قوله { باشروهن } لقصد أن يكون المعتكف صالحاً . وأجمعوا على أنه لا يكون إلاّ في المسجد لهاته الآية ، واختلفوا في صفة المسجد فقيل لا بد من المسجد الجامع وقيل مطلق مسجد وهو التحْقيق وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمهم الله ، وأحكامه في كتب الفقه وليست من غرض هذا المفسر .

تذييل بالتحذير من مخالفة ما شرع إليه من أحكام الصيام . فالإشارة إلى ما تقدم ، والإخبار عنها بالحدود عيَّن أن المشار إليه هو التحديدات المشتمل عليها الكلام السابق وهي قوله : { حتى يتبين لكم الخيط } وقوله : { إلى الليل } { وأنتم عاكفون } من كل ما فيه تحديد يفضي تجاوزه إلى معصية ، فلا يخطر بالبال دخول أحكام الإباحة في الإشارة مثل : { أحل لكم } ومثل { فالئن باشروهن } .

والحدود الحواجز ونهايات الأشياء التي إذا تجاوزها المرء دخل في شيء آخر ، وشبهت الأحكام بالحدود لأن تجاوزها يخرج من حل إلى منع وفي الحديث " وحَدَّ حدوداً فلا تعتدوها " وستأتي زيادة بيان له في قوله تعالى : { تلك حدود الله فلا تقربوها } .

وقوله : { فلا تقربوها } نهى عن مقاربتها الموقعةِ في الخروج منها على طريق الكناية لأن القرب من الحد يستلزم قصد الخروج غالباً كما قال تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } [ الأنعام : 152 ] ، ولهذا قال تعالى في آيات أخرى : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } [ البقرة : 229 ] . كما سيأتي هنالك وفي معنى الآية حديث " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " .

والقول في : { كذلك يبين الله آياته للناس } تقدم نظيره في قوله : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [ البقرة : 143 ] أي كما بين الله أحكام الصيام يبين آياته للناس أي جميع رياته لجميع الناس ، والمقصد أن هذا شأن الله في إيضاح أحكامه لئلا يلتبس شيء منها على الناس ، وقوله : { لعلهم يتقون } ، أي إرادةً لاتقائهم الوقوع في المخالفة ، لأنه لو لم يبين لهم الأحكام لما اهتدوا لطريق الامتثال ، أو لعلهم يلتبسون بغاية الامتثال والإتيان بالمأمورات على وجهها فتحصل لهم صفة التقوى الشرعية ، إذ لو لم يبين الله لهم لأتوا بعبادات غير مستكملة لما أراد الله منها ؛ وهم وإن كانوا معذورين عند عدم البيان وغير مؤاخذيم بإثم التقصير إلاّ أنهم لا يبلغون صفة التقوى أي كمال مصادفة مراد الله تعالى ، فلعل يتقون على هذا منزل منزلة اللازم لا يقدَّر له مفعول مثل { هل يستوى الذين يعلمون } [ الزمر : 9 ] ، وهو على الوجه الأول محذوف المفعول للقرينة .


[176]:السدفة الضوء بلغة قيس والظلمة بلغة تميم فهي من الأضداد في العربية.