تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (187)

الرفث : الجماع .

لباس لكم : الملابسة والمخالطة .

المباشرة : الجماع .

الاعتكاف : البقاء في المسجد للتعبد مدة .

تختانون أنفسكم : تخونون .

بعد أن بين لنا سبحانه كيفية الصيام ، والأعذار المبيحة له ، أردف في هذه الآية بقية أحكام الصوم ، فقال : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ } أي : إتيان نسائكم { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } ، وهذا تعبير لطيف فيه كل معاني التستر حيث يعبر عن المخالطة والمعاشرة باللباس وفيه ستر ووِقاء . كذلك يجب أن تكون الصلة بين الزوجين عشرة حسنة وستراً من كل منهما على صاحبه . مع أن الله علم أنكم كنتم تخونون أنفسكم ، أي : تنقصونها حظها من تمتعكم بنسائكم في ليالي رمضان ، فقد تاب عليكم وعفا عنكم . فالآن لا تتحرجوا من الحلال وكلوا واشربوا في ليل رمضان حتى يظهر لكم الفجر متميزاً من ظلام الليل ، ثم أتموا الصيام إلى الليل .

{ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المساجد } هذا حكم عام لا يختص برمضان . . فكلّ من اعتكف في المسجد يُمنع عليه أن يباشر امرأته أثناء الاعتكاف ، حتى في الليل .

والاعتكاف عبادة قائمة بذاتها . وهو أن ينوي البقاء في المسجد مدة معينة للعبادة ، من صلاة وذكر وقراءة قرآن وغيرها . وأقله يوم وليلة ، ولا حدّ لأكثره . والأفضل أن يكون في العشر الأواخر من رمضان ، لأن آخر اعتكاف للنبي كان كذلك . وله ثلاثة شروط : النية ، والصيام ، وترك مباشرة النساء . وعند الشافعي لا يشترط الصيام . ولا يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لقضاء الحاجة .

{ تِلْكَ حُدُودُ الله } أي : أحكامه المشتملة على الإيجاب والتحريم والإباحة .

فلا تقربوها ، أي : تتعدوها . وعلى هذا الطريق السوي من بيان أحكام الصيام جميعها يبين الله لكم آياته لتتقوها وتتجنبوا تبعاتها .