ثم قال : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ( {[5936]} ) الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) [ 186 ] .
أي أبيح لكم أيها المؤمنون أن تجامعنا نساءكم في ليالي الصيام قبل النوم وبعد النوم ما لم/ يطلع( {[5937]} ) الفجر . وحَدُّ [ الليل من مغيب الشمس ]( {[5938]} ) إلى طلوع الفجر الثاني وَحَد( {[5939]} ) النهار من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب الشمس .
قال ابن عباس : " الرفث الجماع ولكن الله كريم يكني " ( {[5940]} ) . وهو قول جميع المفسرين( {[5941]} ) .
وقال الزجاج( {[5942]} ) : " الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من امرأته " ( {[5943]} ) .
والرفث في غير هذا الموضع الإفحاش في المنطق ، ومنه قوله : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ( {[5944]} ) فِي الحَجِّ )( {[5945]} )( {[5946]} ) .
قوله : ( فالاَنَ بَاشِرُوهُنَّ ) [ 186 ] .
المباشرة في هذا الموضع الجماع بدليل قوله : ( وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )( {[5947]} ) ، يريد الولد بإجماع من( {[5948]} ) المفسرين( {[5949]} ) .
وقد تكون المباشرة في غير هذا الموضع غير الجماع ، وذلك المماسة/ ويدل [ أيضاً على ذلك ]( {[5950]} ) أن الرفث عند جميع المفسرين كناية عن الجماع .
ثم قال تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) [ 186 ] .
سمَّى كلَّ( {[5951]} ) واحد لباساً لصاحبه لتجردهما عند النوم وتضامهما واجتماعهما في ثوب واحد ، حتى يصير كل واحد منهما في التصاقه إلى الآخر بمنزلة الثوب الذي يلبسه الإنسان( {[5952]} ) .
وقال الربيع : " معناه : هن لحاف لكم ، وأنتم لحاف لهن " ( {[5953]} ) .
وقد [ سُمي الفرش ]( {[5954]} ) لباساً والختم لباساً ، وتقلد السيف لباساً( {[5955]} ) . وهذا يدل على تحريم استعمال الحرير في الوطء لتحريم النبي [ عليه السلام ]( {[5956]} ) لباس الحرير( {[5957]} ) .
وقيل : إنما/ جعل كل واحد منهما لصاحبه لباساً لأنه يسكن إليه ، كما قال تعالى ( جَعَلَ لَكُمُ( {[5958]} )/الليْلَ لِبَاساً )( {[5959]} ) ، أي سكناً تسكنون فيه ، فكذلك زوجة الرجل سكنه [ يسكن إليها كما قال ]( {[5960]} ) ( وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا )( {[5961]} ) . فيكون كل واحد منهما لباساً لصاحبه لسكونه إليه( {[5962]} ) . وهو معنى قول مجاهد( {[5963]} ) .
والعرب تقول لما يستر الشيء ويواريه عن أبصار( {[5964]} ) الناظرين : " هو لباسه وغشاؤه " ( {[5965]} ) فيكون قد قيل لكل [ واحد ]( {[5966]} ) من الزوجين لباس للآخر لأنه يستر له فيما يكون بينهم من الجماع عن أبصار الناظرين . قال مجاهد وقتادة : " معناه : هن سكن( {[5967]} ) لكم ، وأنتم سكن لهن " ( {[5968]} ) . وقال ابن عباس أيضاً( {[5969]} ) .
وقوله : ( عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخَتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ( {[5970]} ) وَعَفَا عَنكُمْ ) [ 186 ] .
أي علم الله أيها المؤمنون أنكم كنتم تريدون أن تجامعوا النساء بعد النوم وتأكلوا وتشربوا بعد النوم ، وذلك محرم عليكم فتاب عليكم مما [ أضمرتم من مواقعة ]( {[5971]} ) الذنب/ وعفا عنكم . وذلك أن الله قال : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَّامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )( {[5972]} ) يعني أهل الكتاب . وكانوا لا يجامعون في ليالي الصيام ولا يأكلون ولا يشربون بعد النوم ، فصعب على المسلمين ؛ حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يريد امرأته فقالت له : قد كنتُ نمتُ . فظن( {[5973]} ) أنها تعتل ، فوقع بها ، وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم ، فقالت له( {[5974]} ) امرأته : نسخن( {[5975]} ) لك شيئاً . فغلبته عينه فنام ، فلما انتبه امتنع من الطعام لنومه فجعل يُغشى عليه ، فنزلت هذه الآية ناسخة لذلك ، فأبيح الأكل والشرب( {[5976]} ) والجماع في ليالي الصيام ما لم يطلع الفجر( {[5977]} ) .
وقال معاذ بن جبل : " كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا لم يحل لهم شيء من/ذلك . فكان رجل من الأنصار يدعى أبا صرمة( {[5978]} ) يعمل في أرض له ، فلما كان عند( {[5979]} ) فطره نام فأصبح صائماً قد جهد ، فلما رآه النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[5980]} ) قال( {[5981]} ) : ما لي أرى بك جهداً ؟ ( {[5982]} ) . فأخبره بما( {[5983]} ) كان من أمره . واختان( {[5984]} ) رجل نفسه في شأن النساء ، فأنزل الله( {[5985]} ) : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفُثُ ) الآية( {[5986]} ) .
وقال ابن عباس في الآية : " كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلوا العشاء ، حرم عليهم الطعام والنساء على مثلها من القابلة . ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا الطعام [ والنساء ]( {[5987]} ) في رمضان بعد النوم ، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : ( عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ )( {[5988]} ) الآية( {[5989]} ) .
وقال كعب بن مالك( {[5990]} ) : " كان الناس في رمضان إذا صام الرجل منهم فأمسى فنام ، /حرم عليه( {[5991]} ) الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد( {[5992]} ) . وإن عمر بن الخطاب( {[5993]} ) رجع من عند النبي [ عليه السلام ]( {[5994]} ) ذات ليلة وقد سمر عنده ، فوجد امرأته قد نامت فأرادها ، فقالت : [ إني قد نمت ، فقال : ما ]( {[5995]} ) نمت ، فوقع بها . وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[5996]} ) فأخبره فأنزل الله عز وجل : ( عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ )/الآية( {[5997]} ) .
وعن ابن عباس أيضاً أنه قال : " كان الناس أول ما أسلموا يصوم أحدهم يومه ، حتى إذا أمسى طعم من الطعام ، وجامع فيما بينه وبين العتمة ، حتى إذا صُلبت العتمة حرم ذلك عليهم إلى الليلة( {[5998]} ) القابلة وإن عمر بن الخطاب( {[5999]} ) بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فأتى( {[6000]} ) أهله ليقضي حاجته ، فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم( {[6001]} ) نفسه كأشد( {[6002]} ) ما رأيت من الملامة ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أعتذر( {[6003]} ) إلى الله وإليك مع نفسي هذه الخاطئة ؛ فإنها زيَّنت لي فواقعت( {[6004]} ) أهلي . هل تجد لي من رخصة يا رسول الله ؟ [ قال : لم تكن حقيقاً ]( {[6005]} ) بذلك يا عمر ، فلما بلغ بيته أرسل إليه [ فأنبأه الله بعذره ]( {[6006]} ) في آية( {[6007]} ) من القرآن ، وأمره الله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة وهي قوله : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ )( {[6008]} ) الآية " ( {[6009]} ) .
وبهذه المعاني( {[6010]} ) فسرها مجاهد وعكرمة وقتادة( {[6011]} ) .
وقال قتادة : " [ كان بدء الصيام أنهم ]( {[6012]} ) أمروا بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتين غدوة( {[6013]} ) ، وركعتين عشية ، ثم افترض عليهم رمضان وخمس صلوات ، وكان الأكل والشرب( {[6014]} ) والجماع [ لهم مباحاً ]( {[6015]} ) ما لم يرقدوا ، فإذا رقدوا حرم ذلك عليهم/ إلى مثلها من القابلة . وكانت خيانة القوم أنهم( {[6016]} ) يأكلون ويشربون ويغشون نساءهم بعد النوم ، ثم أباح الله عز وجل ذلك( {[6017]} ) لهم إلى طلوع الفجر " ( {[6018]} ) .
وقال السدي : " كتب الله على النصارى صوم شهر رمضان ، وكتب عليهم ألا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا النساء بعد النوم . وكتب على المؤمنين مثل ذلك ، فوقع قوم من المؤمنين في الأكل والشرب والجماع بعد النوم فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنسخ الله عز وجل ذلك عنهم فقال : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ )( {[6019]} ) الآية( {[6020]} ) .
قال أبو العالية وعطاء : " هذه ناسخة لقوله : ( كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) .
وقوله : ( فَالاَنَ بَاشِرُوهُنَّ ) [ 186 ] .
أي جامعوهن في ليل/الصيام ما لم يطلع الفجر إذا شئتم . فباشروهن كناية عن الجماع .
وقوله : ( وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) [ 186 ] . هذا لفظه لفظ أمر ، ومعناه التأديب والندب( {[6021]} ) .
قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن والسدي والربيع والضحاك : ( وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) : هو الولد " ( {[6022]} ) . وقاله أنس بن( {[6023]} ) مالك . وعن ابن عباس أيضاً أن معناه : " وابتغوا( {[6024]} ) ما كتب الله( {[6025]} ) لكم من ليلة القدر " ( {[6026]} ) .
وقال قتادة : " معناه( {[6027]} ) : وابتغوا( {[6028]} ) ما رخص الله لكم وأحل لكم ، يعني الجماع " ( {[6029]} ) .
وقيل معناه : " ابتغوا الذي كتب الله لكم في اللوح المحفوظ أنه يباح( {[6030]} )/لكم وهو الوطء بعد النوم في ليالي الصيام . والولد هو [ مما كتبه الله في اللوح ]( {[6031]} ) المحفوظ أيضاً( {[6032]} ) .
وقوله : ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الاَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الاَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ) [ 186 ] .
أي بياض النهار من سواد الليل بطلوع الفجر .
وقال الحسن : " معناه : حتى يتبين( {[6033]} ) لكم النهار من الليل " ( {[6034]} ) . وقاله ابن عباس أيضاً( {[6035]} ) . وهو مروي عن النبي [ عليه السلام ]( {[6036]} ) .
ويروى أن عدي بن حاتم( {[6037]} ) أخذ/خيطين أسود وأبيض فنظر فيهما عند الفجر فرآهما سواء ، فأتى النبي [ عليه السلام ]( {[6038]} ) فقال له : يا رسول الله : فتلت( {[6039]} ) خيطين من( {[6040]} ) أسود وأبيض فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى نواجذه ، ثم قال له : " أَلَمْ أَقُلْ لَكَ مِنَ الفَجْرِ ، إِنَّمَا هُوَ ضوءُ النَّهَارِ مِنْ ظُلْمَةِ الليْل " ( {[6041]} ) .
وقال سهل بن سعد( {[6042]} ) : " نزلت هذه الآية : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الاَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الاَسْوَدِ ) ، ولم ينزل ( مِنَ الفَجْرِ ) . قال( {[6043]} ) : فكان رجال إذا أراد أحدهم الصوم ربط( {[6044]} ) في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له أحدهما( {[6045]} ) من الآخر ، / فأنزل الله عز وجل بعد ذلك ( من الفجر ) فعلموا أنه إنما عني بذلك من الليل والنهار " ( {[6046]} ) .
وفي الكلام( {[6047]} ) حذف وتقديم وتأخير/والتقدير : " حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر من الخيط الأسود من الليل " .
وفي هذا دليل بالنص على أن الصائم إذا أصبح( {[6048]} ) جنباً لا يضر ذلك صيامه . لأن( {[6049]} ) له الوطء ما كان له الأكل والشرب ، فإذا وطئ إلى الفجر( {[6050]} ) أصبح جنباً( {[6051]} ) ضرورة لا شك فيه ، وصيامه تام بهذا( {[6052]} ) النص من القرآن والسنة( {[6053]} ) .
والفجر فجران : فجر [ أول وهو الضوء ]( {[6054]} ) الساطع في السماء ، يقال له الصبح الكاذب ، فلا يمنع ذلك أكلاً ولا جماعاً . والفجر الثاني هو المنتشر الذي يملأ ببياضه( {[6055]} ) وضوئه الطرق ، فذلك يمنع الأكل والجماع ، يسمى الفجر الصادق( {[6056]} ) .
والفجر الأول يذهب في السماء طولاً كأنه ذنب السرحان( {[6057]} ) مستدق صاعد في غير اعتراض( {[6058]} ) .
والثاني يضرب إلى حمرة( {[6059]} ) ، وينتشر( {[6060]} ) ضوؤه على الجبال ، يقال له : المستطير أو المنتشر في الأفق وهو معترض( {[6061]} ) . وكل شيء انتشر فقد استطار ، ومنه قوله تعالى : ( يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) [ الإنسان : 7 ] : أي منتشراً فاشياً .
والفجر في اللغة مصدر ، " فجر الماء ، يفجر فَجْراً " ( {[6062]} ) إذا بعثه وأجراه فكأنه اسم للمصدر ، فقيل للطالع من تباشير ضياء الشمس من مطلعها : " فَجْرٌ " ، لانبعاث ضوئه ونوره عليهم( {[6063]} ) . والخيط في اللغة : اللون( {[6064]} ) .
وقوله : ( مِنَ الفَجْرِ ) [ 186 ] معناه الذي هو من الفجر ، وليس هو جميع الفجر . وقال التيمي( {[6065]} ) : " هو ضوء الشمس من سواد الليل " .
وحكي عن حذيفة( {[6066]} ) أنه كان يتسحر بعد طلوع الفجر( {[6067]} ) .
وحكى سالم مولى أبي حذيفة( {[6068]} ) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه( {[6069]} ) أنه كان يتسحر بعد طلوع الفجر( {[6070]} ) . وكذلك ذكره البراء عن ابن مسعود قال : " تسحرت( {[6071]} ) أنا وابن مسعود ثم خرجنا والناس في صلاة الصبح " ( {[6072]} ) .
وليس العمل عند جميع الفقهاء على شيء من هذه الأقوال( {[6073]} ) .
وعن التيمي( {[6074]} ) أنه قال : " الوتر بالليل والسحور بالنهار " ( {[6075]} ) .
وعنه : " السحور بالليل والوتر بالليل " ( {[6076]} ) .
وبهذا( {[6077]} ) العمل عند فقهاء الأمصار .
وقوله : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [ 186 ] .
إلى النهاية وليس بحد وإذا كانت نهاية ، انتهى العمل إلى ما بعدها ، ولا يدخل ما بعدها فيما قبلها ، ولا صوم في شيء من الليل . والذي عليه/أهل النظر( {[6078]} ) أن " إلى " إذا كان الذي بعدها من صنف ما قبلها ، دخل في حكم ما قبلها كقوله : ( إِلَى المَرَافِقِ )( {[6079]} ) و( إِلَى الكَعْبَيْنِ )( {[6080]} ) . والمرفقان والكعبان داخلان في الغسل . وإذا كان ما بعدها ليس من جنس ما قبلها ، لم يدخل في حكم ما قبلها نحو : ( إِلَى اللَّيْلِ ) . وقد بينا( {[6081]} ) هذا/في المائدة بأشرح من هذا( {[6082]} ) .
وقوله : ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ( {[6083]} ) وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ ) [ 186 ] .
أي لا تجامعوا أو( {[6084]} ) تلامسوا وأنتم معتكفون . فهذا يدل على جواز الاعتكاف . وفيه دليل عند قوم على أنَّ الاعتكاف جائز في كل مسجد تقام فيه الصلاة وفي كل وقت ، مفطراً كان أو صائماً ، لأن الخطاب خرج مطلقاً .
ولا يعتكف عند مالك وغيره إلا صائم ، ولا يعتكف إلا في مسجد تقام فيه الجمعة( {[6085]} ) .
ثم قال : ( تِلْكَ حُدُودُ/اللَّهِ( {[6086]} ) فَلاَ تَقْرَبُوهَا ) [ 186 ] . أي لا تقربوا ما نهاكم عنه من حدوده .
ثم قال : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ( {[6087]} ) ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [ 186 ] . أي يبين لهم ما حرم عليهم مما أحد لهم لعلهم يتقون حدوده ويخافون عذابه .