{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } أي : نبعثهم بعد موتهم لنجازيهم على الأعمال ، { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا } من الخير والشر ، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم ، { وَآثَارَهُمْ } وهي آثار الخير وآثار الشر ، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم ، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ، فكل خير عمل به أحد من الناس ، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه ، أو أمره بالمعروف ، أو نهيه عن المنكر ، أو علم أودعه عند المتعلمين ، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته ، أو عمل خيرا ، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان ، فاقتدى به غيره ، أو عمل مسجدا ، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس ، وما أشبه ذلك ، فإنها من آثاره التي تكتب له ، وكذلك عمل الشر .
ولهذا : { من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة } وهذا الموضع ، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك ، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه ، وأنه أسفل الخليقة ، وأشدهم جرما ، وأعظمهم إثما .
{ وَكُلَّ شَيْءٍ } من الأعمال والنيات وغيرها { أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } أي : كتاب هو أم الكتب وإليه مرجع الكتب ، التي تكون بأيدي الملائكة ، وهو اللوح المحفوظ .
ثم أخبر تعالى بإحيائه الموتى رداً على الكفرة ، ثم توعدهم بذكره كتب الآثار ، وإحصاء كل شيء وكل ما يصنعه الإنسان ، فيدخل فيما قدم ويدخل في آثاره لكنه تعالى ذكر الأمر من الجهتين ولينبه على الآثار التي تبقى ويذكر ما قدم الإنسان من خير أو شر ، وإلا فذلك كله داخل فيما قدم ابن آدم ، وقال قتادة { ما قدموا } معناه من عمل ، وقاله ابن زيد ومجاهد وقد يبقى للمرء ما يستن به بعد فيؤجر به أو يأثم ، ونظير هذه الآية { علمت نفس ما قدمت وأخرت }{[9777]} [ الانفطار : 5 ] ، وقوله { يُنَبَّأُ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } [ القيامة : 13 ] ، وقرأت فرقة «وآثارهم » بالنصب ، وقرأ مسروق «وآثارهم » بالرفع ، وقال ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري إن هذه الآية نزلت في بني سلمة حين أرادوا النقلة إلى جانب المسجد ، وقد بينا ذلك في أول السورة ، وقال ثابت البناني{[9778]} : مشيت مع أنس بن مالك إلى الصلاة فأسرعت فحبسني فلما انقضت الصلاة قال لي : مشيت مع زيد بن ثابت إلى الصلاة ، فأسرعت في مشيي فحبسني فلما انقضت الصلاة قال : مشيت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأسرعت في مشيي فحبسني ، فلما انقضت الصلاة قال لي : يا زيد أما علمت أن الآثار تكتب .
قال القاضي أبو محمد : فهذا احتجاج بالآية ، وقال مجاهد وقتادة والحسن : والآثار في هذه الآية الخطا ، وحكى الثعلبي عن أنس أنه قال : الآثار هي الخطا إلى الجمعة{[9779]} ، وقيل الآثار ما يبقى من ذكر العمل فيقتدى به فيكون للعامل أجر من عمل بسنته من بعده ، وكذلك الوزر في سنن الشر ، وقوله تعالى : { وكلَّ شيء } نصب بفعل مضمر يدل عليه { أحصيناه } كأنه قال وأحصينا كل شيء أحصيناه ، و «الإمام » الكتاب المقتدى به الذي هو حجة ، قال مجاهد وقتادة وابن زيد : أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقة : أراد صحف الأعمال .
لما اقتضى القصر في قوله : { إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب } [ يس : 11 ] نفى أن يتعلق الإِنذار بالذين لم يتبعوا الذكر ولم يخشوا الرحمان ، وكان في ذلك كناية تعريضية بأن الذين لم ينتفعوا بالإِنذار بمنزلة الأموات لعدم انتفاعهم بما ينفع كل عاقل ، كما قال تعالى : { لتنذر من كان حياً } [ يس : 70 ] وكما قال : { إنك لا تسمع الموتى } [ النمل : 80 ] استطرد عقب ذلك بالتخلّص إلى إثبات البعث فإن التوفيق الذي حفّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمان هو كإحياء الميت لأن حالة الشرك حالة ضلال يشبه الموت ، والإِخراج منه كإحياء الميت ؛ فهذه الآية اشتملت بصريحها على علم بتحقيق البعث واشتملت بتعريضها على رمز واستعارتيْن ضمنيتين : استعارة الموتى للمشركين ، واستعارة الإحياء للإِنقاذ من الشرك ، والقرينة هي الانتقال من كلام إلى كلام لما يومىء إليه الانتقال من سبق الحضور في المخيلة فيشمل المتكلم مما كان يتكلم في شأنه إلى الكلام فيما خطر له . وهذه الدلالة من مستتبعات المقام وليست من لوازم معنى التركيب . وهذا من أدق التخلص بحرف ( إنَّ ) لأن المناسبة بين المنتقل منه والمنتقل إليه تحتاج إلى فطْنة ، وهذا مقام خطاب الذكِيّ المذكور في مقدمة علم المعاني .
فيكون موقع جملة « إنا نحيي الموتى » استئنافاً ابتدائياً لِقصد إنذار الذين لم يتبعوا الذكر ، ولم يخشوا الرحمان ، وهم الذين اقتضاهم جانب النفي في صيغة القصر .
ويجوز أن يكون الإِحياء مستعاراً للإنقاذ من الشرك ، والموتى : استعارة لأهل الشكر ، فإحياء الموتى توفيق من آمن من الناس إلى الإِيمان كما قال تعالى : { أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات } [ الأنعام : 122 ] الآية .
فتكون الجملة امتناناً على المؤمنين بتيسير الإِيمان لهم ، قال تعالى : { فمن يرد اللَّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام } [ الأنعام : 125 ] ، وموقع الجملة موقع التعليل لقوله : { فبشره بمغفرة وأجر كريم } [ يس : 11 ] .
والمراد بكتابة ما قدموا الكناية عن الوعد بالثواب على أعمالهم الصالحة والثواب على آثارهم .
وهذا الاعتبار يناسبه الاستئناف الابتدائي ليكون الانتقال بابتداء كلاممٍ منبهاً السامعَ إلى ما اعتبره المتكلم في مطاوي كلامه .
والتأكيد بحرف ( إنّ ) منظور فيه إلى معنى الصريح كما هو الشأن ، و { نحن } ضمير فصل للتقوية وهو زيادة تأكيد . والمعنى : نحييهم للجزاء ، فلذلك عطف { ونكتب ما قدموا } ، أي نُحْصي لهم أعمالهم من خير وشر قدموها في الدنيا لنجازيهم .
وعطفُ ذلك إدماج للإِنذار والتهديدِ بأنهم محاسبون على أعمالهم ومجازَون عليها .
والكناية : كناية عن الإِحصاء وعدم إفلات شيء من أعمالهم أو إغفاله . وهي ما يعبر عنه بصحائف الأعمال التي يسجلها الكِرام الكاتبون .
فالمراد ب { ما قدموا } ما عملوا من الأعمال قبل الموت ؛ شبهت أعمالهم في الحياة الدنيا بأشياء يقدمونها إلى الدار الآخرة كما يقدم المسافر ثَقله وأحماله .
وأما الآثار فهي آثار الأعمال وليست عينَ الأعمال بقرينة مقابلته ب { ما قدموا } مثل ما يتركون من خير أو يثير بين الناس وفي النفوس .
والمقصود بذلك ما عملوه موافقاً للتكاليف الشرعية أو مخالفاً لها وآثارهم كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من سَنَّ سُنة حسنة فله أجْرُها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة ومَن سَنّ سنة سيئة فعليه وزرُها ووزرُ من عمل بها إلى يوم القيامة لا يَنقص ذلك من أعمالهم شيئاً » .
فالآثار مسببات أسباب عملوا بها . وليس المراد كتابة كل ما عملوه لأن ذلك لا تحصل منه فائدة دينية يترتب عليها الجزاء . فهذا وعد ووعيد كلٌّ يأخذ بحظه منه .
وقد ورد عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني سلمة أرادوا أن يتحوّلوا من منازلهم في أقصى المدينة إلى قُرب المسجد وقالوا : البقاع خالية ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم « يا بني سَلِمة ديارَكم تُكتبْ آثاركم » مرتين رواه مسلم . ويعني آثار أرجلهم في المشي إلى صلاة الجماعة .
وفي رواية الترمذي عن أبي سعيد زاد : أنَّه قرأ عليهم : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } فجعل الآثار عامّاً للحسية والمعنوية ، وهذا يلاقي الوجه الثاني في موقع جملة { إنا نحن نحيى الموتى } . وهو جار على ما أسسناه في المقدمة التاسعة . وتوهَّم راوي الحديث عن الترمذي أن هذه الآية نزلت في ذلك وسياق الآية يخالفه ومكيتها تنافيه .
والإِحصاء : حقيقته العدّ والحساب وهو هنا كناية عن الإِحاطة والضبط وعدم تخلف شيء عن الذكر والتعيين لأن الإِحصاء والحساب يستلزم أن لا يفوت واحد من المحسوبات .
والإِمام : ما يُؤتم به في الاقتداء ويُعمَل على حسب ما يَدلّ عليه ، قال النابغة :
أطلق الإِمام على الكتاب لأن الكتاب يتّبع ما فيه من الأخبار والشروط ، قال الحارث بن حلزة :
حذر الجور والتطاخي وهل ين *** قض ما في المهارق الأهواء
والمراد ب { كل شيء } بحسب الظاهر هو كل شيء من أعمال الناس كما دل عليه السياق ، فذكر { كل شيء } لإِفادة الإِحاطة والعموم لما قدموا وآثارهم من كبيرة وصَغيرة . فكلمة { كلّ } نص على العموم من اسم الموصول ومن الجمع المعرّف بالإِضافة ، فتكون جملة { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } مؤكدة لجملة { ونكتب ما قدموا وآثارهم } ، ومبينة لمُجملها ، ويكون عطفها دون فصلها مراعىً فيه ما اشتملت عليه من زيادة الفائدة .
ويجوز أن يكون المراد ب { كل شيء } كل ما يوجد من الذوات والأعمال ، ويكون الإحصَاء إحصاء علم ، أي تعلق العلم بالمعلومات عند حدوثها ، ويكون الإِمام المبين علم الله تعالى . والظرفية ظرفية إحاطة ، أي عدم تفلت شيء عن علمه كما لا ينفلت المظروف عن الظرف .
وجعل علم الله إماماً لأنه تجري على وفقه تعلقات الإِرادة الربانية والقدرةِ فتكون جملة { وكل شيء أحصيناه } على هذا تذييلاً مفيداً أن الكتابة لا تختص بأعمال الناس الجارية على وفق التكاليف أو ضدها بل تعمّ جميع الكائنات . وإذ قد كان الشيء يرادف الموجود جاز أن يراد ب { كل شيء } الموجود بالفعل أو ما يقبل الإِيجاد وهو الممكن ، فيكون إحصاؤه هو العلم بأنه يكون أو لا يكون ومقادير كونه وأحواله ، كقوله تعالى : { وأحصى كلّ شيء عدداً } [ الجن : 28 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إنا نحن نحي الموتى} في الآخرة.
{ونكتب ما قدموا} في الدنيا في حياتهم من خير أو شر عملوه.
{وآثارهم} ما استنوه من سنة خير أو شر فاقتدي به من بعد موتهم، وإن كان خيرا فله مثل أجر من عمل به، ولا ينقص من أجورهم شيء، وإن كان شرا فعليه مثل وزر من عمل به ولا ينقص من أوزارهم شيء، فذلك قوله عز وجل: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} [القيامة:13].
{وكل شيء} من الأعمال {أحصيناه} بيانه.
{في إمام مبين} كل شيء عملوه في اللوح المحفوظ.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"إنّا نَحْنُ نُحْيي المَوْتى" من خلقنا، "وَنَكْتُبُ ما قَدّمُوا "في الدنيا من خير وشرّ، وصالح الأعمال وسيئها...
وقوله: "وآثارَهُمْ" يعني: وآثار خُطاهم بأرجلهم...
وقوله: "وكُلّ شَيْء أحْصَيْناهُ في إمام مُبِينٍ" يقول تعالى ذكره: وكل شيء كان أو هو كائن أحصيناه، فأثبتناه في أمّ الكتاب، وهو الإمام المبين. وقيل: "مُبين"، لأنه يبين عن حقيقة جميع ما أثبت فيه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{إنا نحن نحي الموتى} كأنه، والله أعلم، يذكر هذا ليس في موضع الاحتجاج عليهم، ولكن على أنه هو محييهم إذا ماتوا.
{وآثارهم} أي خُطاهم التي خطوها في الخير والشر...
يحتمل: {في إمام مبين} أي في الكتاب الذي نكتب فيه أعمالهم في الدنيا كقوله: {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} [الإسراء: 71] أي بكتابهم الذي كتبت أعمالهم فيه.
ألا ترى أنه قال: {فمن أوتي كتابه بيمينه}؟ الآية [الإسراء: 71]
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
أي نكتب أيضا ما أخروه من آثار أعمالهم كما نكتب ما قدموه. (نفسه: 2/84).
الآثار: ما يلحق من الأعمال بعد انقضاء العمل والعامل. (نفسه: 4/35).
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{نُحْيي الموتى} نبعثهم بعد مماتهم. وعن الحسن: إحياؤهم: أن يخرجهم من الشرك إلى الإيمان {وَنَكْتُبُ مَا} أسلفوا من الأعمال الصالحة وغيرها وما هلكوا عنه من أثر حسن، كعلم علموه، أو كتاب صنفوه، أو حبيس حبسوه، أو بناء بنوه: من مسجد أو رباط أو قنطرة أو نحو ذلك. أو سيئ كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين، وسكة أحدث فيها تخسيرهم، وشيء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله: من ألحان وملاهٍ، وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها. ونحوه قوله تعالى: {يُنَبَّؤُاْ الإنسان يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13] أي: قدّم من أعماله، وأخّر من آثاره.
أحدها: أن الله تعالى لما بين الرسالة وهو أصل من الأصول الثلاثة التي يصير بها المكلف مؤمنا مسلما؛ ذكر أصلا آخر وهو الحشر.
وثانيها: وهو أن الله تعالى لما ذكر الإنذار والبشارة بقوله: {فبشره بمغفرة} ولم يظهر ذلك بكماله في الدنيا فقال: إن لم ير في الدنيا فالله يحيي الموتى ويجزي المنذرين ويجزي المبشرين.
وثالثها: أنه تعالى لما ذكر خشية الرحمن بالغيب ذكر ما يؤكده وهو إحياء الموتى. وفي التفسير مسائل:
المسألة الأولى: {إنا نحن} يحتمل وجهين؛
أحدهما: أن يكون مبتدأ وخبرا...
ومثل هذا يقال عند الشهرة العظيمة، وذلك لأن من لا يعرف يقال له من أنت؟ فيقول: أنا ابن فلان فيعرف ومن يكون مشهورا إذا قيل له من أنت يقول أنا أي لا معرف لي أظهر من نفسي فقال: إنا نحن معروفون بأوصاف الكمال، وإذا عرفنا بأنفسنا فلا تنكر قدرتنا على إحياء الموتى.
وثانيهما: أن يكون الخبر {نحيي} كأنه قال إنا نحيي الموتى، و {نحن} يكون تأكيدا والأول أولى.
المسألة الثانية: {إنا نحن} فيه إشارة إلى التوحيد لأن الاشتراك يوجب التمييز بغير النفس، {إنا نحن} أي ليس غيرنا أحد يشاركنا حتى تقول أنا كذا فنمتاز، وحينئذ تصير الأصول الثلاثة مذكورة؛ الرسالة والتوحيد والحشر.
المسألة الثالثة: قوله: {ونكتب ما قدموا} فيه وجوه:
أحدها: المراد ما قدموا وأخروا فاكتفى بذكر أحدهما كما في قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} والمراد والبرد أيضا.
وثالثها: نكتب نياتهم فإنها قبل الأعمال وآثارهم أي أعمالهم على هذا الوجه.
المسألة الخامسة: الكتابة قبل الإحياء فكيف أخر في الذكر حيث قال: نحيي ونكتب ولم يقل نكتب ما قدموا ونحييهم؟
نقول الكتابة معظمة لأمر الإحياء لأن الإحياء إن لم يكن للحساب لا يعظم والكتابة في نفسها إن لم تكن إحياء وإعادة لا يبقى لها أثر أصلا، فالإحياء هو المعتبر والكتابة مؤكدة معظمة لأمره، فلهذا قدم الإحياء.
ولأنه تعالى لما قال: {إنا نحن} وذلك يفيد العظمة والجبروت، والإحياء عظيم يختص بالله والكتابة دونه فقرن بالتعريف الأمر العظيم وذكر ما يعظم ذلك العظيم.
{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} يحتمل وجوها:
أحدها: أن يكون ذلك بيانا لكون ما قدموا وآثارهم أمرا مكتوبا عليهم لا يبدل، فإن القلم جف بما هو كائن فلما قال: {ونكتب ما قدموا} بين أن قبل ذلك كتابة أخرى فإن الله كتب عليهم أنهم سيفعلون كذا وكذا ثم إذا فعلوه كتب عليهم أنهم فعلوه.
وثانيها: أن يكون ذلك مؤكدا لمعنى قوله: {ونكتب} لأن من يكتب شيئا في أوراق ويرميها قد لا يجدها فكأنه لم يكتب فقال: نكتب ونحفظ ذلك في إمام مبين وهذا كقوله تعالى: {علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}.
وثالثها: أن يكون ذلك تعميما بعد التخصيص كأنه تعالى يكتب ما قدموا وآثارهم وليست الكتابة مقتصرة عليه، بل كل شيء محصي في إمام مبين، وهذا يفيد أن شيئا من الأقوال والأفعال لا يعزب عن علم الله ولا يفوته، وهذا كقوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر} يعني ليس ما في الزبر منحصرا فيما فعلوه بل كل شيء فعلوه مكتوب.
{أحصيناه} أبلغ من كتبناه؛ لأن من كتب شيئا مفرقا يحتاج إلى جمع عدده فقال: هو محصي فيه وسمي الكتاب إماما؛ لأن الملائكة يتبعونه فما كتب فيه من أجل ورزق وإحياء وإماتة اتبعوه.
وإمام جاء جمعا في قوله تعالى: {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} أي بأئمتهم وحينئذ فإمام إذا كان فردا فهو ككتاب وحجاب، وإذا كان جمعا فهو كجبال وحبال.
والمبين هو المظهر للأمور لكونه مظهرا للملائكة ما يفعلون وللناس ما يفعل بهم، وهو الفارق يفرق بين أحوال الخلق فيجعل فريقا في الجنة وفريقا في السعير.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
لما اقتضى القصر في قوله: {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب} [يس: 11] نفى أن يتعلق الإِنذار بالذين لم يتبعوا الذكر ولم يخشوا الرحمان، وكان في ذلك كناية تعريضية بأن الذين لم ينتفعوا بالإِنذار بمنزلة الأموات لعدم انتفاعهم بما ينفع كل عاقل، كما قال تعالى: {لتنذر من كان حياً} [يس: 70] وكما قال: {إنك لا تسمع الموتى} [النمل: 80] استطرد عقب ذلك بالتخلّص إلى إثبات البعث فإن التوفيق الذي حفّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمان هو كإحياء الميت لأن حالة الشرك حالة ضلال يشبه الموت، والإِخراج منه كإحياء الميت؛ فهذه الآية اشتملت بصريحها على علم بتحقيق البعث واشتملت بتعريضها على رمز واستعارتيْن ضمنيتين: استعارة الموتى للمشركين، واستعارة الإحياء للإِنقاذ من الشرك، والقرينة هي الانتقال من كلام إلى كلام لما يومئ إليه الانتقال من سبق الحضور في المخيلة فيشمل المتكلم مما كان يتكلم في شأنه إلى الكلام فيما خطر له. وهذه الدلالة من مستتبعات المقام وليست من لوازم معنى التركيب. وهذا من أدق التخلص بحرف (إنَّ) لأن المناسبة بين المنتقل منه والمنتقل إليه تحتاج إلى فطْنة، وهذا مقام خطاب الذكِيّ المذكور في مقدمة علم المعاني.
فيكون موقع جملة « إنا نحن نحيي الموتى» استئنافاً ابتدائياً لِقصد إنذار الذين لم يتبعوا الذكر، ولم يخشوا الرحمان، وهم الذين اقتضاهم جانب النفي في صيغة القصر.
ويجوز أن يكون الإِحياء مستعاراً للإنقاذ من الشرك، والموتى: استعارة لأهل الشكر، فإحياء الموتى توفيق من آمن من الناس إلى الإِيمان كما قال تعالى: {أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات} [الأنعام: 122] الآية.
فتكون الجملة امتناناً على المؤمنين بتيسير الإِيمان لهم، قال تعالى: {فمن يرد اللَّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [الأنعام: 125]، وموقع الجملة موقع التعليل لقوله: {فبشره بمغفرة وأجر كريم} [يس: 11].
والمراد بكتابة ما قدموا الكناية عن الوعد بالثواب على أعمالهم الصالحة والثواب على آثارهم.
وهذا الاعتبار يناسبه الاستئناف الابتدائي ليكون الانتقال بابتداء كلامٍ منبهاً السامعَ إلى ما اعتبره المتكلم في مطاوي كلامه.
والتأكيد بحرف (إنّ) منظور فيه إلى معنى الصريح كما هو الشأن، و {نحن} ضمير فصل للتقوية وهو زيادة تأكيد. والمعنى: نحييهم للجزاء، فلذلك عطف {ونكتب ما قدموا}، أي نُحْصي لهم أعمالهم من خير وشر قدموها في الدنيا لنجازيهم.
وعطفُ ذلك إدماج للإِنذار والتهديدِ بأنهم محاسبون على أعمالهم ومجازَون عليها.
فالمراد ب {ما قدموا} ما عملوا من الأعمال قبل الموت؛ شبهت أعمالهم في الحياة الدنيا بأشياء يقدمونها إلى الدار الآخرة كما يقدم المسافر ثَقله وأحماله.
وأما الآثار فهي آثار الأعمال وليست عينَ الأعمال بقرينة مقابلته ب {ما قدموا} مثل ما يتركون من خير أو يثير بين الناس وفي النفوس.
والمقصود بذلك ما عملوه موافقاً للتكاليف الشرعية أو مخالفاً لها وآثارهم.
فالآثار مسببات أسباب عملوا بها. وليس المراد كتابة كل ما عملوه لأن ذلك لا تحصل منه فائدة دينية يترتب عليها الجزاء. فهذا وعد ووعيد كلٌّ يأخذ بحظه منه.
وفي رواية الترمذي عن أبي سعيد زاد: أنَّه قرأ عليهم: {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فجعل الآثار عامّاً للحسية والمعنوية، وهذا يلاقي الوجه الثاني في موقع جملة {إنا نحن نحيى الموتى}. وهو جار على ما أسسناه في المقدمة التاسعة. وتوهَّم راوي الحديث عن الترمذي أن هذه الآية نزلت في ذلك وسياق الآية يخالفه ومكيتها تنافيه.
والإِحصاء: حقيقته العدّ والحساب وهو هنا كناية عن الإِحاطة والضبط وعدم تخلف شيء عن الذكر والتعيين لأن الإِحصاء والحساب يستلزم أن لا يفوت واحد من المحسوبات.
والإِمام: ما يُؤتم به في الاقتداء ويُعمَل على حسب ما يَدلّ عليه.
والمراد ب {كل شيء} بحسب الظاهر هو كل شيء من أعمال الناس كما دل عليه السياق، فذكر {كل شيء} لإِفادة الإِحاطة والعموم لما قدموا وآثارهم من كبيرة وصَغيرة.
فكلمة {كلّ} نص على العموم من اسم الموصول ومن الجمع المعرّف بالإِضافة، فتكون جملة {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} مؤكدة لجملة {ونكتب ما قدموا وآثارهم}، ومبينة لمُجملها، ويكون عطفها دون فصلها مراعىً فيه ما اشتملت عليه من زيادة الفائدة.
ويجوز أن يكون المراد ب {كل شيء} كل ما يوجد من الذوات والأعمال، ويكون الإحصَاء إحصاء علم، أي تعلق العلم بالمعلومات عند حدوثها، ويكون الإِمام المبين علم الله تعالى. والظرفية ظرفية إحاطة، أي عدم تفلت شيء عن علمه كما لا ينفلت المظروف عن الظرف.
وجعل علم الله إماماً لأنه تجري على وفقه تعلقات الإِرادة الربانية والقدرةِ فتكون جملة {وكل شيء أحصيناه} على هذا تذييلاً مفيداً أن الكتابة لا تختص بأعمال الناس الجارية على وفق التكاليف أو ضدها بل تعمّ جميع الكائنات. وإذ قد كان الشيء يرادف الموجود جاز أن يراد ب {كل شيء} الموجود بالفعل أو ما يقبل الإِيجاد وهو الممكن، فيكون إحصاؤه هو العلم بأنه يكون أو لا يكون ومقادير كونه وأحواله، كقوله تعالى: {وأحصى كلّ شيء عدداً} [الجن: 28].
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ} هذان ضميران للمتكلم على سبيل التعظيم، فإنَّا هي نحن، كما لو قلت: زيد زيد، فماذا أضافتْ نحن بعد إنَّا؟ القاعدة في صياغة اللغة أن تمييز الشيء يأتي حين يكون هناك اشتراك، فإنْ لم يكُنْ اشتراك فلا يأتي التمييز... فكأن الحق سبحانه لما قال {إِنَّا} وليس هناك غيره قال: {إِنَّا نَحْنُ} يعني: كأنه قال إنَّا إنَّا يعني: لا أحدَ سِوَاي، فليس في هذه المسألة اشتراك.
وسبق أنْ أوضحنا أن كلام الله تعالى عن نفسه قد يأتي بصيغة الجمع كما في
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].
وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وتلحظ أن الضمير هنا للتعظيم، وهكذا في كل الآيات التي تتحدث عن فعل من أفعاله تعالى، أو عن فضل من أفضاله، ذلك لأن كل فعل من أفعاله تعالى يحتاج إلى عدة صفات: يحتاج إلى علم، وإلى حكمة، وإلى قدرة.. الخ وكل هذه الصفات كامنة في (نحن) الدالة على العظمة المتكاملة في الأسماء الحسنى لله تعالى.
أما حين يتكلم سبحانه عن الذات الواحدة، فيأتي بضمير المتكلم المفرد كما في:
{إِنَّنِيۤ أَنَا اللَّهُ} [طه: 14] ولم يقُلْ مثلاً: إننا نحن الله؛ لأن إننا ونحن تدل على الجمع، والكلام هنا عن الوحدانية، فلا بُدَّ أنْ يأتي بصيغة المفرد.
لذلك يؤكد الحق سبحانه هذه الوحدانية بعدة وسائل للتوكيد في قوله سبحانه:
{إِنَّنِيۤ أَنَا اللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ} [طه: 14] فلم يَقُلْ سبحانه: فاعبدنا وأقم الصلاة لذكرنا، إنما {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ} [طه: 14] لأن العبادة تكون لله وحده.
ثم إن عملية البعث وإحياء الموتى لله وحده لا يشاركه فيها أحد.
وقال سبحانه {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ} قبل {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ} مع أن الكتابة تسبق عملية الإحياء، الكتابة كانت في الدنيا، والإحياء في الآخرة، فلماذا؟ أولاً: عليك أن تلاحظ أن هذا الكلام ليس كلامك، إنما كلام الله، فلا بُدَّ أن تُعمِل عقلك لتفهم عن الله مراده؛ لأن أسلوب الحق -سبحانه وتعالى- يحمل من الكمالات ما يناسب كماله سبحانه، وكلامك أنت يحمل ما يناسب كمالك.
لذلك سبق أن قُلْنا: إن القرآن له تميُّزات عن كل الكتب، وأن تناوله غير تناول أيِّ كتاب...
إذن: ما الحكمة من تقديم {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ} على {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ}؟ قالوا: لأنه ما فائدة الكتابة؟ الكتابة للأعمال لحصر الحسنات لنثيب عليها، ولحصر السيئات لنعاقب عليها، فإذا لم يكُنْ هناك إحياء للموتى وحساب وجزاء، فما فائدة الكتابة؟ لذلك قدَّم الإحياء على كتابة الأعمال، كما أن الإحياء أعظم من الكتابة فناسب أنْ يتقدم عليها.
ومعنى: {مَا قَدَّمُواْ} أي: من الأعمال، والعمل قد يكون عملاً مثمراً مستمراً بعد موت صاحبه كالصدقة الجارية، فلو حفر إنسان بئراً مثلاً يشرب منه الناس ويموت يظلّ البئر يسقي الناس، أو ترك علماً نافعاً، هذا كله أثر من آثار العمل الذي كُتِب أولاً، وهو المراد بقوله تعالى: {وَآثَارَهُمْ}.
ومن آثار الإنسان ما سنَّه للناس وتركه يتبع من بعده، سواء أكان حسنة أم سيئة، فكله مكتوب مُسجَّل في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأحصى آثارها من بعد صاحبها، فلو كتب إنسان مثلاً وصية ظالمة حرمت صاحب الحق من حقِّه، والوارث من ميراثه تحمل كل الآثار المترتبة على هذا الظلم؛ لأنه لم يحرم الوارث المباشر فحسب، إنما حرم أيضاً ذريته التي كانت ستستفيد من هذا الميراث، لذلك يظل عليه وِزْرها إلى يوم القيامة.
كذلك مَنْ سَنَّ للناس قانوناً جائراً، فعليه وِزْر القانون الجائر الذي حكم هو به، ثم على مَنْ يحكم بهذا القانون من بعده، ومثل مسألة القطاع العام مثلاً، القطاع العام أقامه مَنْ أقامه، ثم ظلَّتْ آثاره تنهب في الناس إلى أنْ ضَجَّ منه الجميع وطالب الحكام أنفسهم بتعديله.
هذه القضية تشرح لنا حديث سيدنا رسول الله:"مَنْ سَنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة، ومَنْ سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووِزْر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة"
أرأيتم الرجل العجوز يزرع النخلة وربما لا ينتفع بثمرها، لكن ينتفع به مَنْ بعده، فهذه هي آثاره من بعده يكتبها الله له ويُحصيها لحسابه.
وقال بعض العلماء في معنى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ} أي: نكتب ما قدموا من النية التي تسبق العمل، ثم نكتب العمل نفسه، وهو آثار هذه النية، فحين تعقد نية الخير في عمل ما تأخذ أجر النية، فإذا ما عملتَ العمل تأخذ أجر العمل.
وهذا يفسر لنا الحديث الشريف: "مَنْ هَمَّ بحسنة فلم يعملها كُتِبت له حسنة، ومَنْ هَمَّ بها فعملها كُتِبت له عَشْراً "وهذا يرشدنا إلى أهمية عقد النية قبل الشروع في العمل ليثاب عليها الإنسان، فالمؤمن لا يأتي العمل هكذا عشوائياً.
وقوله تعالى: {وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ} هناك فَرْق بين الكتابة والإحصاء، الكتابة أنْ تكتب الشيء، لكن لا تضم المكتوبات إلى بعضها، فتحتاج إلى مَنْ يحصيها ويعدُّها، فالحق سبحانه يسجل علينا الأعمال كتابة أولاً، ثم إحصاءً وعَدّاً، والإحصاء والعَدُّ أيضاً في كتاب مسجل فيه كل شيء {فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ} والإمام هو ما يُؤتَم به، والمراد هنا اللوح المحفوظ الذي تأخذ منه الملائكة مهمتها في إدارة الكون.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
1 ـ أنواع الكتب التي تثبت بها أعمال الناس:
يُستفاد من الآيات القرآنية الكريمة أنّ أعمال الإنسان تدون وتضبط في أكثر من كتاب، حتّى لا يبقى له حجّة أو غدر يوم الحساب.
أوّلها: «صحيفة الأعمال الشخصية» التي تحصي جميع أعمال الفرد على مدى عمره (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً).
هناك حيث تتعالى صرخات المجرمين (يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها). وهو الكتاب الذي يأخذه المحسنون في أيمانهم والمسيئون في شمائلهم ـ الحاقّة 19 و25.
ثانياً: «صحيفة أعمال الاُمّة» والتي تبيّن الخطوط الاجتماعية لحياتها، كما يقول القرآن الكريم: (كلّ اُمّة تدعى إلى كتابها).
وثالثها: «اللوح المحفوظ» وهو الكتاب الجامع، ليس لأعمال جميع البشر من الأوّلين والآخرين فقط، بل لجميع الحوادث العالمية، وشاهد آخر على أعمال بني آدم في ذلك المشهد العظيم، وفي الحقيقة فهو إمام لملائكة الحساب وملائكة الثواب والعقاب.