3- وبلاغ من الله ورسوله إلى الناس عامة ، في مجتمعهم يوم الحج الأكبر ، أن الله ورسوله بريئان من عهود المشركين الخائنين - في أيها المشركون الناقضون للعهد - إذا رجعتم عن شرككم بالله ، فإن ذلك خير لكم في الدنيا والآخرة ، أما إن أعرضتم وبقيتم على ما أنتم عليه ، فاعلموا أنكم خاضعون لسلطان الله . وأنت - أيها الرسول - أنذر جميع الكافرين بعذاب شديد الإيلام .
هذا ما وعد اللّه به المؤمنين ، من نصر دينه وإعلاء كلمته ، وخذلان أعدائهم من المشركين الذين أخرجوا الرسول ومن معه من مكة ، من بيت اللّه الحرام ، وأجلوهم ، مما لهم التسلط عليه من أرض الحجاز .
نصر اللّه رسوله والمؤمنين حتى افتتح مكة ، وأذل المشركين ، وصار للمؤمنين الحكم والغلبة على تلك الديار .
فأمر النبي{[361]} مؤذنه أن يؤذن يوم الحج الأكبر ، وهو يوم النحر ، وقت اجتماع الناس مسلمهم وكافرهم ، من جميع جزيرة العرب ، أن يؤذن بأن اللّه بريء ورسوله من المشركين ، فليس لهم عنده عهد وميثاق ، فأينما وجدوا قتلوا ، وقيل لهم : لا تقربوا المسجد الحرام بعد عامكم هذا ، وكان ذلك سنة تسع من الهجرة .
وحج بالناس أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه ، وأذن ببراءة -يوم النحر- ابن عم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه .
ثم رغب تعالى المشركين بالتوبة ، ورهبهم من الاستمرار على الشرك فقال : { فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ْ }
أي : فائتيه ، بل أنتم في قبضته ، قادر أن يسلط عليكم عباده المؤمنين . { وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ْ } أي : مؤلم مفظع في الدنيا بالقتل والأسر ، والجلاء ، وفي الآخرة ، بالنار ، وبئس القرار
{ وأذان من الله ورسوله إلى الناس } أي إعلام فعال بمعنى الإفعال كالأمان والعطاء ، ورفعه كرفع { براءة } على الوجهين . { يوم الحج الأكبر } يوم العيد لأن فيه تمام الحج معظم أفعاله ، ولأن الإعلام كان فيه ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال " هذا يوم الحج الأكبر " وقيل يوم عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة " . ووصف الحج بالأكبر لأن العمرة تسمى الحج الأصغر ، أو لأن المراد بالحج ما يقع في ذلك اليوم من أعماله فإنه أكبر من باقي الأعمال ، أو لأن ذلك الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون ووافق عيده أعياد أهل الكتاب ، أو لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين .
{ أن الله } أي بأن الله . { بريء من المشركين } أي من عهودهم . { ورسوله } عطف على المستكن في { بريء } ، أو على محل { إن } واسمها في قراءة من كسرها إجراء للأذان مجرى القول ، وقرئ بالنصب عطفا على اسم إن أو لأن الواو بمعنى مع ولا تكرير فيه ، فإن قوله { براءة من الله } إخبار بثبوت البراءة وهذه إخبار بوجوب الإعلام بذلك ولذلك علقه بالناس ولم يخصه بالمعاهدين . { فإن تبتم } من الكفر والغدر . { فهو } فالتوب { خير لكم وإن تولّيتم } عن التوبة أو تبتم على التولي عن الإسلام والوفاء . { فاعلموا أنكم غير معجزي الله } لا تفوتونه طلبا ولا تعجزونه هربا في الدنيا . { وبشّر الذين كفروا بعذاب أليم } في الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.