سورة التوبة مدنية ، نزلت بالمدينة في العام التاسع ، وحملها علي بن أبي طالب إلى المسلمين في الحج ، وقرأها عليهم ، وأمير الحج في هذا العام أبو بكر الصديق رضي الله عنه وآياتها تسع وعشرون ومائة ، وقد ابتدأت ببراءة الله تعالى من المشركين ، ولذلك سميت براءة . وذكرت بعد ذلك حرمة الأشهر الحرم ، وعهد المشركين ، ووجوب الوفاء ما لم ينكثوا ، ومن ينكث في العهد فإنه تجب حربه ، وبينت بعد ذلك أن لب التقرب إلى الله تعالى هو الإيمان به ، وأنه لا يكمل الإيمان إلا إذا كان الله ورسوله أحب إلى المؤمنين من كل شيء ، وذكر سبحانه أن الاغترار بالقوة يبعد النصر ، وأشار إلى حال المسلمين في غزوة حنين ، وفي هذه السورة حرم على المشركين دخول المسجد الحرام ، لأنهم نجس .
وفيها النص على وجوب قتال اليهود والنصارى حتى يعطوا الجزية عن يد ، وبين فيها عدد الأشهر الحرم ، وفيها بينت ضرورة النفرة إل القتال عند كل نداء من غير تلكؤ ، وفيها من بعد ذلك إشارات إلى المخلفين والمعوقين عن الخروج للقتال ، وبيان أحوال المنافقين الذين يبتغون الفتنة في كل وقت تكون الدعوة فيه إلى القتال ، وذكر الله تعالى المنافقين في معاملتهم للمؤمنين في السلم وفي الحرب .
وفي هذه السورة الأمر القاطع المعلن لعقوبة النفاق ، وهو ألا يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على أحد منهم ، وذكر سبحانه بعد ذلك الأعذار التي تسوغ التخلف ، وبين سبحانه حال الذين أظهروا الدخول في الإسلام من الأعراب ، أو خضعوا لأحكامه بعد أن صارت له قوة ، وبين أن هؤلاء الأعراب مقيمون حول المدينة وقريبا منها .
وذكر من بعد ذلك أحوال الناس بالنسبة للإيمان ، وذكر خبر مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ليهربوا من المسجد الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر سبحانه أوصاف المؤمنين الصادقين في إيمانهم . وتوبة الذين كانوا قد خلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبول الله تعالى لهذه التوبة ، كما ذكر سبحانه وتعالى أحوال الناس في تلقي آيات القرآن عند نزولها ، وختم سبحانه وتعالى السورة بأن الله تعالى اختار محمدا للرسالة وهو لا يريد عنت من أرسل إليهم ، وأنه بهم رؤوف رحيم ، وأن الله حسبه إذا تولوا عنه .
1- الله ورسوله بريئان من المشركين الذين عاهدتموهم فنقضوا العهد .
سورة التوبة وقيل إلا آيتين من قوله : { لقد جاءكم رسول } وهي آخر ما نزل ولها أسماء أخر ، " التوبة " و " المقشقشة " و " البحوث " و " المبعثرة " و " المنقرة " و " المثيرة " و " الحافرة " و " المخزية " و " الفاضحة " و " المنكلة " و " المشردة " و " المدمدمة " و " سورة العذاب " لما فيها من التوبة للمؤمنين والقشقشة من النفاق وهي التبري منه ، والبحث عن حال المنافقين وإثارتها ، والحفر عنها وما يخزيهم ويفضحهم وينكلهم ويشردهم ويدمدم عليهم .
وآيها مائة وثلاثون وقيل تسع وعشرون ، وإنما تركت التسمية فيها لأنها نزلت لرفع الأمان وبسم الله أمان . وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة أو آية بين موضعها ، وتوفي ولم يبين موضعها وكانت قصتها تشابه قصة الأنفال وتناسبها لأن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذها فضمت إليها . وقيل لما اختلفت الصحابة في أنهما سورة واحدة هي سابعة السبع الطوال أو سورتان تركت بينهما فرجة ولم تكتب بسم الله .
{ براءة من الله ورسوله } أي هذه براءة ، ومن ابتدائية متعلقة بمحذوف تقديره وأصله { من الله ورسوله } ، ويجوز أن تكون { براءة } مبتدأ لتخصصها بصفتها والخبر { إلى الذين عاهدتم من المشركين } وقرئ بنصبها على اسمعوا براءة ، والمعنى : أن الله ورسوله برئا من العهد الذي عاهدتم به المشركين ، وإنما علقت البراءة بالله ورسوله والمعاهدة بالمسلمين للدلالة على أنه يجب عليهم نبذ عهود المشركين إليهم وإن كانت صادرة بإذن الله تعالى واتفاق الرسول فإنهما برئا منها ، وذلك أنهم عاهدوا مشركي العرب فنكثوا إلا أناسا منهم بنو ضمرة وبنو كنانة فأمرهم بنبذ العهد إلى الناكثين وأمهل المشركين أربعة أشهر ليسيروا أين شاءوا فقال : { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.