المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

5- ولا تعطوا ضعاف العقول ممن لا يحسنون التصرف في المال أموالهم التي هي أموالكم ، فإن مال اليتيم وضعيف العقل مالكم ، يعنيكم أمره وإصلاحه حتى لا يضيع المال ، فقد جعله الله قوام الحياة ، وأعطوهم من ثمراتها النصيب الذي يحتاجون إليه في الطعام ، واكسوهم وعاملوهم بالحسنى ، وقولوا لهم : قولاً يرضيهم ولا يؤذيهم ولا يذلُّهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

{ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا }

وقوله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا } السفهاء : جمع " سفيه " وهو : من لا يحسن التصرف في المال ، إما لعدم عقله كالمجنون والمعتوه ، ونحوهما ، وإما لعدم رشده كالصغير وغير الرشيد . فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها ، لأن الله جعل الأموال قياما لعباده في مصالح دينهم ودنياهم ، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها ، فأمر الولي أن لا يؤتيهم إياها ، بل يرزقهم منها ويكسوهم ، ويبذل منها ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية ، وأن يقولوا لهم قولا معروفا ، بأن يعدوهم -إذا طلبوها- أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم ، ونحو ذلك ، ويلطفوا لهم في الأقوال جبرًا لخواطرهم .

وفي إضافته تعالى الأموال إلى الأولياء ، إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء ما يفعلونه في أموالهم ، من الحفظ والتصرف وعدم التعريض للأخطار . وفي الآية دليل على أن نفقة المجنون والصغير والسفيه في مالهم ، إذا كان لهم مال ، لقوله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ }

وفيه دليل على أن قول الولي مقبول فيما يدعيه من النفقة الممكنة والكسوة ؛ لأن الله جعله مؤتمنا على مالهم فلزم قبول قول الأمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

ينهى تعالى عن تَمْكين السفهاء من التصرّف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما ، أي : تقوم{[6600]} بها معايشهم من التجارات وغيرها . ومن هاهنا يُؤْخَذُ الحجر على السفهاء ، وهم أقسام : فتارة يكون الحَجْرُ للصغر ؛ فإن الصغير مسلوب العبارة . وتارة يكون الحجرُ للجنون ، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين ، وتارة يكون الحجر للفَلَس ، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاقَ ماله عن وفائها ، فإذا سأل{[6601]} الغُرَماء الحاكم الحَجْرَ عليه حَجَرَ عليه .

وقد قال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ } قال : هم بَنُوك والنساء ، وكذا قال ابن مسعود ، والحكم بن عُتَيبة{[6602]} والحسن ، والضحاك : هم النساء والصبيان .

وقال سعيد بن جُبَير : هم اليتامى . وقال مجاهد وعكرمة وقتادة : هم النساء .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عَمّار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وإن النساء السُّفَهاء إلا التي أطاعت قَيِّمَها " .

ورواه ابن مَرْدُويه مطولا{[6603]} .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حَرْب بن سُرَيج{[6604]} عن معاوية بن قرة{[6605]} عن أبي هريرة { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ } قال : الخدم ، وهم شياطين الإنس وهم الخدم .

وقوله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس يقول [ تعالى ]{[6606]} لا تَعْمَد إلى مالك وما خَوَّلك الله ، وجعله معيشة ، فتعطيَه امرأتك أو بَنيكَ ، ثم تنظر{[6607]} إلى ما في أيديهم ، ولكن أمْسكْ مالك وأصلحْه ، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسْوتهم ومؤنتهم ورزقهم .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن فرَاس ، عن الشعبي ، عن أبي بُرْدة ، عن أبي موسى قال : ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت له امرأة سَيّئة الخُلُق فلم يُطَلقها ، ورجل أعطى ماله سفيها ، وقد قال : { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ } ورجل كان له على رجل دين فلم يُشْهِد عليه .

وقال مجاهد : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا } يعني في البر والصلة .

وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة ، ومَنْ تحت الحَجْر بالفعل ، من الإنفاق في الكساوي والإنفاق{[6608]} والكلام الطيب ، وتحسين الأخلاق .


[6600]:في أ: "يقوم".
[6601]:في ر: "سألوا".
[6602]:في جـ، ر، أ: "عيينة".
[6603]:ذكره السيوطي في الدر (2/433) وفي إسناده عثمان بن أبي العاتكة وقد ضعف في روايته عن علي بن يزيد الألهاني.
[6604]:في جـ، ر، أ: "شريح".
[6605]:في أ: "مرة".
[6606]:زيادة من أ.
[6607]:في ر: "تنتظر".
[6608]:في جـ، ر، أ: "الأرزاق".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

وقوله { ولا تؤتوا السفهاء } الآية ، اختلف المتأولون في المراد ب { السفهاء } ، فقال ابن مسعود والسدي والضحاك والحسن وغيرهم : نزلت في ولد الرجل الصغار وامرأته ، وقال سعيد بن جبير : نزلت في المحجورين «السفهاء » وقال مجاهد : نزلت في النساء خاصة ، وروي عن عبد الله بن عمر أنه مرت به امرأة لها شارة فقال لها { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } الآية ، وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما : نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كان من كان ، وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع ، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات ، وقوله { أموالكم } يريد أموال المخاطبين ، هذا قول أبي موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة ، وقال سعيد بن جبير : يريد أموال «السفهاء » ، وأضافها إلى المخاطبين تغبيطاً بالأموال ، أي هي لهم إذا احتاجوا ، كأموالكم لكم التي تقي أعراضكم ، وتصونكم وتعظم أقدراكم ، ومن مثل هذ{ ولا تقتلوا أنفسكم }{[3856]} وما جرى مجراه ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والنخعي و «اللاتي » والأموال : جمع لما لا يعقل ، فالأصوب فيه قراءة الجماعة ، و { قيماً } جمع قيمة كديمة وديم ، وخطأ ذلك أبو علي وقال : هي مصدر كقيام وقوام وأصلها قوم ، ولكن شذت في الرد إلى الياء كما شذ قولهم : جياد في جميع جواد ، وكما قالت بنو ضبة : طويل وطيال ، ونحو هذا ، وقوماً وقواماً وقياماً ، معناها : ثباتاً في صلاح الحال ، ودواماً في ذلك ، وقرأ نافع وابن عامر { قيماً } بغير ألف ، وروي أن أبا عمرو فتح القاف من قوله : قواماً ، وقياماً - كان أصله قواماً ، فردت كسرة القاف الواو ياء للتناسب ، ذكرها ابن مجاهد ولم ينسبها ، وهي قراءة أبي عمرو والحسن ، وقرأ الباقون { قياماً } وقرأت طائفة «قواماً » وقوله : { وارزقوهم فيها واكسوهم } قيل : معناه : فيمن يلزم الرجل نفقته وكسوته من زوجه وبنيه الأصاغر ، وقيل : في المحجورين من أموالهم ، و { معروفاً } قيل : معناه : ادعوا لهم : بارك الله فيكم وحاطكم وصنع لكم ، وقيل : معناه عدوهم وعداً حسناً ، أي إن رشدتم دفعنا إليكم أموالكم ، ومعنى اللفظ كل كلام تعرفه النفوس وتأنس إليه ويقتضيه الشرع .


[3856]:- من الآية (29) من سورة النساء.