فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

{ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا( 5 ) }

في الآية الثانية من هذه السورة أمَر المولى سبحانه أن نعطي اليتيم ماله دون بخس ، وكأن هاتين الآيتين الكريمتين لبيان الحين الذي تدفع إليهم أموالهم فيه ، فلا تدفع إلى اليتامى أموالهم قبل البلوغ وإن كانوا قد رشدوا ، ولا بعد البلوغ إلا بعد إيناس الرشد ؛ عن سعيد بن جبير : لا يدفع إلى اليتيم ماله إذا لم يؤنس رشده وإن كان شيخا ؛ _ والمراد بالرشد نوعه ، وهو المتعلق بحسن التصرف في أمواله وعدم التبذير بها ، ووضعها في مواضعها ؛ . . واختلفوا في وجه إضافة الأموال إلى المخاطبين وهي للسفهاء ، فقيل : أضافها إليهم أنها بأيديهم وهم الناظرون فيها ، كقوله : ( فسلموا على أنفسكم . . ) ( {[1317]} ) ؛ . . . ، أي : ليسلم بعضكم على بعض ؛ . . . ، { التي جعل الله لكم قياما } . . . القيام والقوام : ما يقيمك ، يقال : فلان قيام أهله وقوام بيته ، وهو الذي يقيم شأنه : أي يصلحه ، . . . ، وهو منصوب على المصدر : أي لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم فتقومون بها قياما ، وقال الأخفش : المعنى قائمة بأموركم ، فذهب إلى أنها جمع ؛ وقال البصريون : قيما جمع قيمة ، . . : أي جعلها الله قيمة للأشياء_( {[1318]} ) ؛ { وارزقوهم فيها واكسوهم } مهما يكن السفيه ممنوعا من التصرف في ماله لصغر أو عدم رشد فإن على وصيه أن يعطيه ما لابد له من طعام وشراب وكسوة ؛ { وقولوا لهم قولا معروفا } فكما جرى له الأقوات ووفر له الكساء والأرزاق يتعهده بما يحبب إليه مكارم الأخلاق .


[1317]:سورة النور. من الآية 61.
[1318]:من فتح القدير؛ بتصرف يسير.