تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (5)

الآية 5 وقوله عز وجل : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } الآية : السفيه{[4826]} في الحقيقة من يعمل عمل الجهال ( أو لما ) {[4827]} قد يلقب العالم به إذا ضيع الحدود وتعاطى الأفعال الذميمة ، وعلى ذلك ما جاء الكتاب بتسفيه علماء أهل الكتاب ، ثم قد يسمي الجهال به لما الجهل هو السبب الباعث على فعل السفه .

فقوله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } يحتمل ذلك الوجهين وأي الأمرين كان ففيه التحذير للمعنى الذي بين من قوله : { التي جعل الله لكم قياما } ( سواء ) {[4828]} كانت قياما للمعاش أم{[4829]} للمعاد أو لهما .

وطريق الإنفاق في الوجهين والإمساك لهما التدبر ومراعاة الشرع / 79 –أ/ وتعاهد الأسباب . والوجهان جميعا يمنعان الوفاء بما جعلت له الأمور ، فحذر من أنعم بها من تضييع ذلك بالتسليم إلى من ذكر مع ما يكون في ذلك اتباع من يستحق أن يكون متبوعا لمن حقه أن يجعل تابعا ، وذلك خارج عن حد الحكم وما يحمده العقل .

ثم قد صرفت الآية إلى النساء بما جعل من إليه التدبير ، وهو الذي أنشأهن تحت أيدي الرجال في الأمور مع وصف الرجال أنهم { قوامون على النساء } ( النساء 34 وصرفت أيضا على الصغار بما ضمن حفظ مثلهم الكبار ، وجعلوا مكفولين عند البالغين ، فأموال البالغين أحق بذلك ، وحقيقة السفه ما ذكرت .

وجائز أن يكون المقصود بالذكر من ذكر الصغار والنساء بما خاطب من حذر بالدفع إلى من ذكر رزق أولئك وكسوتهم ، ولا يجب رزق الجهال والسفهاء على غيرهم فيكون ما ذكروا أولى بمراد الآية ، وإن كان للمعنى الذي قصد بالآية التي ذكرتهم قد استحقوا ، ولما غلبت تلك الأحوال على هؤلاء جعل من ذكرت قواما عليهم .

وقد ذكرت عن الحسن أنه صرف الآية إلى الكفار ، فكأنه تأول في القيام القيام بأمر الدين ، والكفار لا يجوز الاستعانة بهم ولا{[4830]} جعل المال عندهم{[4831]} ، مع ما كره العلماء تسليط ( الكفرة على العقود ) {[4832]} لجهلهم بحق شرع الإسلام فيها ، فمثله دفع الأموال إليهم .

وقوله تعالى : { التي جعل الله لكم ( قياما } عن ابن عباس رضي الله عنه { التي جعل الله لكم قياما } يعني قوام أمركم ومعيشتكم ، وهو كذا جعل الله هذه الأموال ( أغذية للخلق ، بها يقوم دينهم وأبدانهم .

وقوله تعالى : { وارزقوهم فيها واكسوهم } يقول : لا تؤتوهم ولكن ارزقوهم أنتم واكسوهم وقيل : يقول أنفقوا عليهم منها وأطعموهم وقيل : لما أضاف الأموال ) {[4833]} إلى الدافعين لا ( إلى ) {[4834]} المدفوعة إليهم دل على وجوب نفقة الولد وكسوته على الرجل .

وقوله تعالى : { وقولوا لهم قولا معروفا } قيل : عدة حسنة جميلة : سأفعل وسأكسوه ، وقيل{[4835]} مروهم بالمعروف ( وانهوهم ){[4836]} عن المنكر ، وقيل علموهم الأدب والدين ، وقولوا لهم كلام البر واللين واللطف .


[4826]:في الأصل و م: فالسفيه.
[4827]:في الأصل و م: في الحقيقة أولا لما.
[4828]:في الأصل و م: فأما إن.
[4829]:فغي الأصل و م: أو.
[4830]:في الأصل و م: وله.
[4831]:في الأصل و م: عنده.
[4832]:في الأصل: الكفر العقود في م: الكفر العقوبة.
[4833]:ساقطة من م.
[4834]:ساقطة من الأصل.
[4835]:الواو ساقطة من الأصل و م.
[4836]:في الأصل و م: وانهوا.