( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا5 ) .
( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا ) اعلم أن في الآية وجوها يحتملها النظم الكريم .
/ الأول : أن يراد بالسفهاء اليتامى . كما روي عن سعيد بن جبير . والخطاب حينئذ للأولياء . نهوا أن يؤتوا اليتامى أموالهم مخافة أن يضيعوها لقلة عقولهم . لأن السفيه هو الخفيف الحلم . وانما أضيفت للأولياء ، وهي لليتامى ، تنزيلا لاختصاصها بأصحابها منزلة اختصاصها بالأولياء . فكأن أموالهم عين أموالهم . لما بينهم وبينهم من الاتحاد الجنسي والنسبي . مبالغة في حملهم على المحافظة عليها . كما في قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) {[1549]} . أي لا يقتل بعضكم بعضا . حيث عبر عن بني نوعهم بأنفسهم ، مبالغة في زجرهم عن قتلهم . فكأن قتلهم قتل أنفسهم . وقد أيد ذلك حيث عبر عن جعلها مناطا لمعاش أصحابها بجعلها مناطا لمعاش الأولياء ، بقوله تعالى : ( التي جعل الله لكم قياما ) . أي جعلها الله شيئا تقومون وتنتعشون . فلو ضيعتموها لضعتم . وقوله تعالى : ( وارزقوهم فيها واكسوهم ) أي اجهلوها مكانا لرزقهم وكسوتهم . بأن تتجروا وتتربحوا . حتى تكون نفقاتهم من الأرباح لا من صلب المال . وقوله سبحانه : ( وقولوا لهم قولا معروفا ) أي كلاما لينا تطيب به نفوسهم . ومنه أن يعدهم عدة جميلة ، بأن يقول وليهم : إذا صلحتم ورشدتم ، سلمنا اليكم أموالكم .
( الوجه الثاني ) : أن يراد بالسفهاء النساء والصبيان . وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما . فالخطاب عام والنهي لكل أحد أن يعمد إلى ما خوله الله تعالى من المال فيعطيه امرأته وأولاده . ثم ينظر إلى أيديهم . وانما سماهم سفهاء استخفافا بعقلهم واستهجانا لجعلهم قواما على أنفسهم . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول : " لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنتك ثم تنظر إلى ما في أيديهم . ولكن أمسلك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم " .
( الوجه الثالث ) : أن / يراد بالسفهاء كل من لم يكن له عقل يفي بحفظ المال . فيدخل فيه النساء والصبيان والأيتام وكل من كان موصوفا بهذه الصفة . قال الرازي : وهذا القول أولى . لأن التخصيص بغير دليل لا يجوز . قال السيوطي في ( الاكليل ) : في هذه الآية الحجر على السفيه . وأنه لا يمكن من ماله . وأنه ينفق عليه منه ويكسى ، ولا ينفق في التبرعات . وأنه يقال له معروف . ك ( ان رشدت دفعنا اليك مالك . وانما يحتاط لنفعك ) .
واستدل بعموم الآية من قال بالحجر على السفيه البالغ . سواء طرأ عليه أم كان من حين البلوغ . ومن قال بالحجر على من يخدع في البيوع . ومن قال بأن من يتصدق على محجور ، وشرط أن يترك في يده ، لا يسمع منه في ذلك .
في قوله تعالى : ( التي جعل الله لكم قياما ) حث على حفظ الأموال وعدم تضييعها .
قال الزمخشري : كان السلف يقولون : المال سلاح المؤمن . ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه ، خير من أحتاج إلى الناس . وكانت له بضاعة يقلبها : لولاها لتمندل بي بنو العباس . وعن غيره ( وقيل له : انها تدنيك من الدنيا ) : لأن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها . وكانوا يقولون : اتجروا واكتسبوا . فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه . وربما رأوا رجلا في جنازة ، فقالوا له : اذهب إلى دكانك . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.