{ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ } أي : أظهروه دفعة واحدة متظاهرين متساعدين فيه ، متناصرين ، متفقا رأيكم وكلمتكم ، { ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا } ليكون أمكن لعملكم ، وأهيب لكم في القلوب ، ولئلا يترك بعضكم بعض مقدوره من العمل ، واعلموا أن من أفلح اليوم ونجح وغلب غيره ، فإنه المفلح الفائز ، فهذا يوم له ما بعده من الأيام .
فأجمعوا كيدكم ثم أتوا صفا . وقد أفلح اليوم من استعلى ) . .
وهكذا تنزل الكلمة الصادقة الواحدة الصادرة عن عقيدة ، كالقذيفة في معسكر المبطلين وصفوفهم ، فتزعزع اعتقادهم في أنفسهم وفي قدرتهم ، وفي ما هم عليه من عقيدة وفكرة . وتحتاج إلى مثل هذا التحميس والتشجيع . وموسى وأخوه رجلان اثنان ، والسحرة كثيرون ، ووراءهم فرعون وملكه وجنده وجبروته وماله . . ولكن موسى وهارون كان معهما ربهما يسمع ويرى . .
ولعل هذا هو الذي يفسر لنا تصرف فرعون الطاغية المتجبر ، وموقف السحرة ومن ورائهم فرعون . فمن هو موسى ومن هو هارون من أول الأمر حتى يتحداهما فرعون ويقبل تحديهما ؛ ويجمع كيده ثم يأتي ، ويحشر السحرة ويجمع الناس ؛ ويجلس هو والملأ من قومه ليشهدوا المباراة ? وكيف قبل فرعون أن يجادله موسى ويطاوله ? وموسى فرد من بني إسرائيل المستعبدين المستذلين تحت قهره ? . . إنها الهيبة التي ألقاها الله على موسى وهارون وهو معهما يسمع ويرى . .
وهي كذلك التي جعلت جملة واحدة توقع الارتباك في صفوف السحرة المدربين ، فتحوجهم إلى التناجي سرا ؛ وإلى تجسيم الخطر ، واستثارة الهمم ، والدعوة إلى التجمع والترابط والثبات .
وقرأ جمهور القراء «فأجمعوا » بقطع الألف وكسر الميم على معنى أنقذوا واعزموا ، وقرأ أبو عمرو وحده «فاجمعوا » من جمع أي ضموا سحركم بعضه إلى بعض ، وقرأ ابن كثير «ثمَّ » بفتح الميم «ايْتوا » بسكون الياء ، وقرأ أيضاً في رواية شبل عنه بكسر الميم «ثمِ ايتوا » قال أبو علي وهذا غلط ولا وجه لكسر الميم من «ثم » وقرأ الجمهور «ثم ائتوا » بفتح الميم وبهمزة بعد الألف ، قوله { صفاً } حال أي مصطفين وتداعوا إلى هذا لأنه أهيب وأظهر لهم ، و { أفلح } معناه ظفر ببغيته و { استعلى } معناه طلب العلو في أمره وسعى سعيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.