تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ} (64)

الآية 64 : وقوله تعالى : { فأجمعوا كيدكم } حرف الإجماع يستعمل في العزم مرة ، والاجتماع ثانيا . أما في العزم فما ذكر في الخبر : ( لا صوم لمن لم يجمع رأيه من الليل ) [ أبو داود 2454 ] أي لمن لم يعزم على [ ما روي في خبر آخر ] {[12326]} : ( لا صوم لمن لم يعزم الليل ) [ الترمذي 730 ] وأما الاجتماع فظاهر .

فإن كان على الاجتماع فكأنه قال : فاجتمعوا على عمل واحد ، لا تختلفون فيه : [ وإن كان ] {[12327]} على العزم : فهو{[12328]} اعزموا شيئا واحدا ، واقصدوا أمرا واحدا لكي تغلبوا .

[ وقوله تعالى ] {[12329]} : { ثم ائتوا صفا } قال بعضهم : جميعا غير متفرقين . وقال بعضهم : { ثم ائتوا صفا } أي المصلى الذي كان موعد الاجتماع ، وهو يوم الزينة .

وقوله تعالى : { وقد أفلح اليوم من استعلى } قيل : من غلب كقوله : { إن فرعون علا في الأرض } [ القصص : 4 ] أي غلب . وجائز أن يكون قوله : { من استعلى } من طلب العلو ، وأراد أن يسعد بما وعد فرعون للسحرة من الأجر إذا كانوا هم الغالبين كقوله : { إن{[12330]} لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين } { قال نعم وإنكم لمن المقربين } [ الأعراف : 113 و114 ] ، فذلك هو ما طلبوا منه . فأخبر أنهم يظفرون بذلك . هذا إذا كان القول من فرعون ، والله أعلم .

[ وقال أبو عبيدة : { ثم ائتوا صفا } أي مصلى ، والصف المصلى ، وقال : حكي عن بعضهم أنه قال ما استطعت أن آتي الصف اليوم المصلى . وقال القتبي : { صفا } أي جميعا ، وكذلك غيره من أهل التأويل ، وقوله : { من استعلى } أي غلب ] {[12331]} .


[12326]:في الأصل وم: روى الخبر. انظر جنة المرتاب ج2/365.
[12327]:في الأصل وم: و.
[12328]:في الأصل وم: أي.
[12329]:ساقطة من الأصل وم..
[12330]:في الأصل وم: أإن، وهي قراءة ابن عامرة وعاصم وغيرهما انظر معجم القراءات القرآنية ج2/388.
[12331]:أدرجت هذه العبارة في الأصل وم في نهاية تفسير الآية 63 سهوا.