الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ} (64)

{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } قرأ أبو عمرو فاجمعوا بوصل الألف وفتح الميم ، من الجمع يعني لا تدعوا شيئاً من كيدكم إلا جئتم به ، وتصديقه قوله : فجمع كيده ، وقرأ الباقون : فأجمعوا بقطع الألف وكسر الميم وله وجهان : أحدهما : بمعنى الجمع ، يقول العرب : أجمعت الشيء وجمعته بمعنى واحد . قال أبو ذؤيب :

فكأنّه بالجزع جزع يتابع *** وأولاه ذي العرجاء تهب مجمّع

والثاني : بمعنى العزم والأحكام ، يقول : أجمعت الأمر وأزمعته ، وأجمعت على الأمر وأزمعت عليه إذا عزمت عليه . قال الشاعر :

ياليت شعري والمنى لا تنفع *** هل أغدونْ يوماً وأمري مجمع

أي محكم ، وقد عزم عليه كيدكم ومكركم وسحركم وعلمكم .

{ ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً } قال مقاتل : والكلبي : جميعاً ، وقيل : صفوفاً ، وقال أبو عبيد : يعني المصلّى والمجتمع ، وحُكي عن بعض العرب الفصحاء : ما استطعت أن آتي الصفّ أمس ، يعني المصلّى .

{ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى } يعني فاز من غلب .