فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ} (64)

{ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ } الإجماع : الإحكام ، والعزم على الشيء قاله الفراء . تقول : أجمعت على الخروج مثل أزمعت . وقال الزجاج : معناه ليكن عزمكم كلكم كالكيد مجمعاً عليه . وقد اتفق القراء على قطع الهمزة في أجمعوا إلا أبا عمرو ، فإنه قرأ بوصلها وفتح الميم من الجمع . قال النحاس : وفيما حكي لي عن محمد بن يزيد المبرد أنه قال : يجب على أبي عمرو أن يقرأ بخلاف هذه القراءة ، وهي القراءة التي عليها أكثر الناس .

{ ثُمَّ ائتوا صَفّاً } أي مصطفين مجتمعين ليكون أنظم لأمورهم وأشد لهيبتهم ، وهذا قول جمهور المفسرين . وقال أبو عبيدة : الصف : موضع المجمع ويسمى المصلى الصف . قال الزجاج : وعلى هذا معناه : ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم ، يقال : أتيت الصف بمعنى : أتيت المصلى ، فعلى التفسير الأول يكون انتصاب { صفاً } على الحال ، وعلى تفسير أبي عبيدة يكون انتصابه على المفعولية . قال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى ثم ائتوا والناس مصطفون ، فيكون على هذا مصدراً في موضع الحال ، ولذلك لم يجمع . وقرئ بكسر الهمزة بعدها ياء ، ومن ترك الهمزة أبدل منها ألفاً { وَقَدْ أَفْلَحَ اليوم مَنِ استعلى } أي من غلب ، يقال : استعلى عليه : إذا غلبه ، وهذا كله من قول السحرة بعضهم لبعض . وقيل : من قول فرعون لهم .

/خ70