اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ} (64)

قوله : { فَأجْمِعُوا } قرأ أبو عمرو " فاجْمَعوا " بوصف الألف وفتح الميم . والباقون : بقطعها مفتوحة وكسر{[25343]} الميم{[25344]} ، وقد تقدم تحقيق ذلك في سورة يونس{[25345]} .

و " كَيْدَكُم " مفعول به ، وقيل : هو على إسقاط الخافض أي : على كَيْدِكم وليس بشيء{[25346]} . فأما قراءة أبي عمرو فهي من الجمع{[25347]} أي لا تدعوا شيئاً من كَيْدِكُمْ إلا جئتم به بدليل قوله : { فَجَمَعَ كَيْدَهُ } {[25348]} .

ومعنى القراءة الباقين قيل : معناه الجمع أيضاً تقول العرب : أجمعت الشيء وجمعته بمعنى واحد{[25349]} .

والصحيح أن معناه العزم والإحكام قال الفراء : الإجماع{[25350]} الإحكام والعزيمة على الشيء{[25351]} . أي أجمعُوا كُلكم على كيده مجتمعين له ولا تختلفوا فيختل أمركم{[25352]} .

{ ثُمَّ{[25353]} ائتوا صَفّاً } أي : جميعاً ، قاله مقاتل والكلبي{[25354]} .

وقيل : أي : مُصْطَفِّين مجتمعين ، ليكون أنظم لأمركم وأشد لهيبتكم{[25355]} .

وقال أبو عبيدة ، والزجاج{[25356]} : الصَّف موضع الجمع ، ويسمى المصلى صفاً ، أي : ائتوا المكانَ الموعودَ الذي تجتمعون فيه ليعيدكم{[25357]} .

قوله : { صَفًّا } يجوز أن يكون حالاً من فاعل " ائْتُوا " أي ائْتُوا مصطفين{[25358]} أي ذوي صَفٍّ فهو{[25359]} مصدر في الأصل{[25360]} .

وقيل : هو مفعول به أي : ائْتُوا قوماً صفًّا{[25361]} ، وفيه التسمية بالمصدر . أو هو{[25362]} على حذف مضاف أي ذوي صف .

قوله : { وَقَدْ أفْلَحَ } قال الزمخشري : اعتراض بمعنى : وقد{[25363]} فاز من غلب{[25364]} .

يعني بالاعتراض : أنه جيء بهذه الجملة ( أجنبية من كلامهم ومقولهم ، لأن من جملة قولهم :

{ قَالُواْ يا موسى إِمَّآ أَن تُلْقِيَ }{[25365]} ، وهذه الجملة ){[25366]} أعني : قوله : { وَقَدْْ أَفْلَحَ } من كلام الله تعالى ، فهي اعتراض بهذا الاعتبار . وفيه نظر . لأن الظاهر أنها من ( مقولاتهم قالوا هذا تحريضاً لقومهم على القتال وحينئذ فلا اعتراض .


[25343]:ي ب: والباقون بكسرها مقطوعة فاجمعوا كسر.
[25344]:4 السبعة (419-420) الحجة لابن خالويه (244)، الكشف 2/100، النشر 2/321، الإتحاف (304).
[25345]:عند قوله تعالى: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} [يونس: 71]. وذكر ابن عادل هناك: أن قراءة أبي عمرو بوصل الألف من (جمع) الثلاثي، وقراءة الباقين بقطع الهمزة من (أجمع). انظر اللباب 4/309.
[25346]:وذلك أن من قرأ بوصل الهمزة فـ "كيدكم" مفعول به لأن "فاجمعوا" من جمع ، وهو يتعدى بنفسه فلم يفتقر إلى تقدير حذف حرف الجر. ومن قرأ بقطعها نصب "كيدكم" بـ "أجمعوا" على تقدير حذف حرف الجر، وتقديره: فأجمعوا على كيدكم فحذف الجر فاتصل الفعل به فنصبه، لأنه من أجمع رباعيا ومعناه العزم يقال: أجمع على كذا: إذا عزم عليه. البيان 2/146 – 147 ، التبيان 2/895.
[25347]:ي ب: الجميع.
[25348]:[طه: 60].
[25349]:انظر البغوي 5/441 والقرطبي 11/22.
[25350]:كذا في ب، وفي الأصل: الجمع.
[25351]:معاني القرآن 2/185.
[25352]:انظر البغوي 50/441.
[25353]:ي ب: قوله لم. وهو تحريف . انظر القرطبي 11/221.
[25354]:انظر البغوي 5/441، والقرطبي 11/221.
[25355]:انظر البغوي 5/441.
[25356]:في ب: وأبو عبيدة والزجاج قالا.
[25357]:نظر مجاز القرآن 2/23، معاني القرآن وإعرابه 3/365.
[25358]:ي ب: مطعين مصطفين.
[25359]:هو: سقط من ب.
[25360]:انظر البيان 2/147، التبيان 2/895، البحر المحيط 6/256.
[25361]:انظر التبيان 2/895، البحر المحيط 6/256، إذ هو المكان الذي يجتمعون فيه لعيدهم وصلاتهم. وابن الأنباري قدّر كون "صفا" مفعولا به على حذف حر الجر، وتقديره: ائتوا إلى صفّ، فحذف حرف الجر فاتصل الفعل به فنصبه، ولذلك نجده يرجع أن يكون "صفا" مصدرا في موضع الحال. انظر البيان 2/147.
[25362]:ي ب: أي وهو.
[25363]:ي ب: قد.
[25364]:الكشاف 2/439.
[25365]:[طه: 65].
[25366]:ما بين القوسين سقط من ب.