المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

12- لا تحاول - أيها النبي - إرضاء المشركين لأنهم لا يؤمنون ، وعساك إن حاولت إرضاءهم أن تترك تلاوة بعض ما يوحى إليك مما يشق سماعه عليهم ، كاحتقار بعض آلهتهم ، خوفاً من قبح ردهم واستهزائهم ، وعسى أن تحس بالضيق وأنت تتلوه ، لأنهم يطلبون أن ينزل الله عليك كنزاً تنعم به كالملوك ، أو يجئ معك مَلَك يخبرنهم بصدقك ، فلا تبال - أيها النبي - بعنادهم ، فما أنت إلا منذر ومحذِّر من عقاب الله من يخالف أمره ، وقد فعلت فأرِحْ نفسك منهم . واعلم أن الله على كل شيء رقيب ومهيمن ، وسيفعل بهم ما يستحقون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

{ 12 - 14 } { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، عن تكذيب المكذبين- : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ } أي : لا ينبغي هذا لمثلك ، أن قولهم يؤثر فيك ، ويصدك عما أنت عليه ، فتترك بعض ما يوحى إليك ، ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم : { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ } فإن هذا القول ناشئ من تعنت ، وظلم ، وعناد ، وضلال ، وجهل بمواقع الحجج والأدلة ، فامض على أمرك ، ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة التي لا تصدر إلا من سفيه ولا يضق لذلك صدرك .

فهل أوردوا عليك حجة لا تستطيع حلها ؟ أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا ، يؤثر فيه وينقص قدره ، فيضيق صدرك لذلك ؟ !

أم عليك حسابهم ، ومطالب بهدايتهم جبرا ؟ { إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } فهو الوكيل عليهم ، يحفظ أعمالهم ، ويجازيهم بها أتم الجزاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

1

أولئك الجاهلون بحكمة الخلق وبسنن الكون - وهم أفراد من هذا الإنسان القاصر الغافل اليؤوس الكفور الفرح الفخور - الذين لا يدركون حكمة إرسال الرسل من البشر فيطلبون أن يكون الرسول ملكا أو أن يصاحبه ملك ؛ ولا يقدرون قيمة الرسالة فيطلبون أن يكون للرسول كنز ! . . أولئك المكذبون المعاندون الذين يلجون في التكذيب والعناد . . ما تراك صانعا معهم أيها الرسول ؟

( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا : لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك . إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ) . .

ولعل هنا تحمل معنى الاستفهام . وهو ليس استفهاما خالصا ، إنما يتلبس به أن المتوقع من النفس البشرية أن تضيق صدرا بهذا الجهل ، وبهذا التعنت ، وبهذه الاقتراحات السخيفة التي تكشف عن بعد كامل عن إدراك طبيعة الرسالة ووظيفتها . فهل سيضيق صدرك - يا محمد - وهل سيحملك هذا الضيق على أن تترك بعض ما أنزل إليك فلا تبلغه لهم ، كي لا يقابلوه بما اعتادوا أن يقابلوا به نظائره فيما أخبرتهم من قبل ؟

كلا . لن تترك بعض ما يوحى إليك ولن يضيق به صدرك من قولهم هذا :

( إنما أنت نذير ) . .

فواجبك كله أن تنذرهم - وأبرز صفة النذير هنا لأن المقام يستوجبها مع أمثال هؤلاء - فأد واجبك : ( والله على كل شيء وكيل ) . .

فهو الموكل بهم ، يصرفهم كيف يشاء وفق سنته ، ويحاسبهم بعد ذلك على ما يكسبون . ولست أنت موكلا بكفرهم أو إيمانهم . إنما أنت نذير .

وهذه الآية تشي بجو تلك الفترة الحرجة في تاريخ الدعوة ؛ وما كان يعتور صدر رسول الله [ ص ] من الضيق . كما تشي بثقل المواجهة للجاهلية المتمردة المعاندة ، في الوقت الذي هلك فيه العشير والنصير ؛ وغمرت الوحشة قلب رسول الله [ ص ] وغشى الكرب على قلوب المؤمنين القلائل في هذه الجاهلية المحيطة .

ومن بين كلمات الآية نحس جوا مكروبا تتنزل فيه هذه الكلمات الربانية بالبشاشة ، وتسكب فيه الطمأنينة ، وتريح الأعصاب والقلوب !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

{ فلعلّك تاركٌ بعض ما يوحى إليك } تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك وهو ما يخالف رأي المشركين مخافة ردهم واستهزائهم به ، ولا يلزم من توقع الشيء لوجود ما يدعو إليه وقوعه لجواز أن يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسل عن الخيانة في الوحي والثقة في التبليغ ها هنا . { وضائقٌ به صدرك } وعارض لك أحيانا ضيق صدرك بأن تتلوه عليهم مخافة . { أن يقولون لولا أُنزل عليه كنز } ينفقه في الاستتباع كالملوك . { أو جاء معه مَلكٌ } يصدقه وقيل الضمير في { به } مبهم يفسره { أن يقولوا } . { إنما أنت نذير } ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك ولا عليك ردوا أو اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك . { والله على كل شيء وكيل } فتوكل عليه فإنه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم .