المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن يَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

11- يا أيها المؤمنون ، تذكروا نعمة الله عليكم في وقت الشدة ، حين همَّ قوم - جماعة من المشركين - أن يفتكوا بكم ، وبرسولكم ، فمنع أذاهم عنكم ، ونجاكم منهم . والزموا تقوى الله ، واعتمدوا عليه وحده في أموركم ، فهو كافيكم ، وشأن المؤمن أن يكون اعتماده على الله وحده دائماً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن يَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

{ 11 ْ } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ْ }

يُذَكِّر تعالى عباده المؤمنين بنعمه العظيمة ، ويحثهم على تذكرها بالقلب واللسان ، وأنهم -كما أنهم يعدون قتلهم لأعدائهم ، وأخذ أموالهم وبلادهم وسبيهم نعمةً - فليعدوا أيضا إنعامه عليهم بكف أيديهم عنهم ، ورد كيدهم في نحورهم نعمة . فإنهم الأعداء ، قد هموا بأمر ، وظنوا أنهم قادرون عليه .

فإذا لم يدركوا بالمؤمنين مقصودهم ، فهو نصر من الله لعباده المؤمنين ينبغي لهم أن يشكروا الله على ذلك ، ويعبدوه ويذكروه ، وهذا يشمل كل من هَمَّ بالمؤمنين بشر ، من كافر ومنافق وباغ ، كف الله شره عن المسلمين ، فإنه داخل في هذه الآية .

ثم أمرهم بما يستعينون به على الانتصار على عدوهم ، وعلى جميع أمورهم ، فقال : { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ْ } أي : يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية ، وتبرؤوا من حولهم وقوتهم ، ويثقوا بالله تعالى في حصول ما يحبون . وعلى حسب إيمان العبد يكون توكله ، وهو من واجبات القلب المتفق عليها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن يَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

ويمضي السياق يقوي في الجماعة المسلمة روح العدل والقسط والسماحة ؛ ويكفكف فيها شعور العدوان والميل والانتقام . . فيذكر المسلمين نعمة الله عليهم في كف المشركين عنهم ، حين هموا في عام الحديبية - أو في غيره - أن يبسطوا إليهم أيديهم بالعدوان :

( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم . إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ، فكف أيديهم عنكم . واتقوا الله . وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) . .

وتختلف الروايات في من تعنيهم هذه الآية . ولكن الأرجح أنها إشارة إلى حادثة المجمعة التي همت يوم الحديبية أن تغدر برسول الله [ ص ] وبالمسلمين ، فتأخذهم على غرة . فأوقعهم الله أسارى في أيدي المسلمين [ كما فصلنا ذلك في تفسير سورة الفتح ] .

وأيا ما كان الحادث ، فإن عبرته في هذا المقام هي المنشودة في المنهج التربوي الفريد ، وهي إماته الغيظ والشنآن لهؤلاء القوم في صدور المسلمين . كي يفيئوا إلى الهدوء والطمأنينة وهم يرون أن الله هو راعيهم وكالئهم . وفي ظل الهدوء والطمأنينة يصبح ضبط النفس ، وسماحة القلب ، وإقامة العدل ميسورة . ويستحي المسلمون أن لا يفوا بميثاقهم مع الله ؛ وهو يرعاهم ويكلؤهم ، ويكف الأيدي المبسوطة إليهم .

ولا ننس أن نقف وقفة قصيرة أمام التعبير القرآني المصور :

إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ، فكف أيديهم عنكم . .

في مقام : إذ هم قوم أن يبطشوا بكم ويعتدوا عليكم فحماكم الله منهم . .

إن صورة و " حركة " بسط الأيدي وكفها أكثر حيوية من ذلك التعبير المعنوي الآخر . . والتعبير القرآني يتبع طريقة الصورة والحركة . لأن هذه الطريقة تطلق الشحنة الكاملة في التعبير ؛ كما لو كان هذا التعبير يطلق للمرة الأولى ؛ مصاحبا للواقعة الحسية التي يعبر عنها مبرزا لها في صورتها الحية المتحركة . . وتلك طريقة القرآن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن يَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } روي ( أن المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان ، قاموا إلى الظهر معا فلما صلوا ندموا ألا كانوا أكبوا عليهم وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إلى العصر ، فرد الله عليهم كيدهم بأن أنزل عليهم صلاة الخوف ) . والآية إشارة إلى ذلك وقيل إشارة إلى ما روي ( أنه عليه الصلاة والسلام أتى قريظة ومعه الخلفاء الأربعة يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري يحسبهما مشركين ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم اجلس حتى نطعمك ونقرضك فأجلسوه وهموا بقتله ، فعمد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه ، فأمسك الله يده فنزل جبريل فأخبره فخرج ) . وقيل ( نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا وعلق سلاحه بشجرة وتفرق الناس عنه ، فجاء أعرابي فسل سيفه وقال : من يمنعك مني ؟ فقال : الله ! فأسقطه جبريل من يده ، فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك مني فقال لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) فنزلت { إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم } بالقتل والإهلاك ، يقال بسط إليه يده إذا بطش به وبسط إليه لسانه إذا شتمه . { فكف أيديهم عنكم } منعها أن تمد إليكم ورد مضرتها عنكم . { واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } فإنه الكافي لإيصال الخير ودفع الشر .