فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ هَمَّ قَوۡمٌ أَن يَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (11)

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم } يعني بالقتل والبطش بكم ، يقال بسط إليه يده إذا بطش به ، وبسط إليه لسانه إذا شتمه ، وذكر الهم للإيذان بوقوعها عند مزيد الحاجة إليها .

{ فكف أيديهم عنكم } أي صرفهم عنكم وحال بينكم وبين ما أرادوه بكم ، أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها فعلق النبي صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه وسله ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك مني ؟ قال : الله ، قال الأعرابي مرتين أو ثلاثا : من يمنعك مني ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله ، فشام الأعرابي السيف فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم بصنيع الأعرابي وهو جالس على جنبه لم يعاقبه ، قال معمر : وكان قتادة يذكر نحوه ويذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الأعرابي{[609]} .

وأخرج الحاكم وصححه عنه بنحوه ، وذكر أن اسم الرجل غورث بن الحرث ، وأنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الله " سقط السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك مني ، قال : كن خير آخذ ، قال : فشهد أن لا إله إلا الله .

وأخرج أبو النعيم في الدلائل عن ابن عباس أن بني النضير هموا أن يطرحوا على النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ، فجاء جبريل فأخبره بما هموا فقام ومن معه فنزلت إذ هم قوم ، وقصة الأعرابي وهو غورث ثابتة في الصحيح .

{ واتقوا الله } فيما أمركم به ونهاكم عنه { وعلى الله } لا على غيره { فليتوكل المؤمنون } فإنه هو الذي ينقب عن أحوال القوم ويفتش عنها .


[609]:رواه أبو النعيم في"دلائل النبوة":2/152 عن طريق بن إسحاق قال: حدثني عمرو عن جابر أن رجلا... وقد سقط من إسناده الحسن، فقد رواه ابن هشام في "السيرة" 2/205عن ابن إسحاق وحدثني عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر بن عبد الله، ورواه عبد الرزاق في"تفسيره"ص:6 من طريق معمر عن الزهري ذكره عن أبي سلمة عن جابر. وقصة هذا الأعرابي هو غورث بن الحارث ثابتة في "الصحيحين" بدون ذكر السبب، البخاري7/330، ومسلم1/576.