قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم . . . } الآية ، نزلت هذه الآية ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد بعث المنذر بن عمرو الأنصاري في أناس من أصحابه إلى بئر معوتة ، وهو ماء بني عامر ، فساروا حتى أشرفوا على الأرض ، فأدركهم الماء فنزلوا ، فلما كان المساء ، أضل أربعة منهم بعيرا لهم ، فاستأذنوا أن يقيموا ، فأذن لهم المنذر ، ثم سار المنذر بمن معه ، وأصبح القوم وقد جمعوا لهم على الماء ، وكانت بنو سليم هم الذين آذنوا بني عامر بهم ، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل المنذر بن عمرو ومن معه ، وأصاب الأربعة بعيرهم من الغد ، فأقبلوا في طلب أصحابهم ، فلقيتهم وليدة لبني عامر في غنيمة ترعاها ، فقالت لهم : أمن أصحاب محمد أنتم ؟ قالوا : نعم ، رجاء أن تسلم ، فقالت : النجاء ، فإن إخوانكم قد قتلوا حول الماء ، قتلهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر .
فقال أحد الأربعة : ما ترون ؟ قالوا : نرى أن نرحل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنخبره بالذي كان ، قال : لكني والله لا أرجع حتى انتقم من أعداء أصحابي اليوم ، فامضوا راشدين واقرأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام كثيرا ، فأشرف على الخيل ، فنظر إلى أصحابه مقتلين عند الماء ، فأخذ سيفه ، فضرب به حتى قتل ، رحمه الله ، ورجع الثلاثة إلى المدينة ، فأتوها حين أمسوا ، فلقوا رجلين من بني سليم وهما خارجان من المدينة ، فقالوا لهما : من أنتما ؟ قالا : نحن من بني عامر ، فقالوا : أنتما ممن قتل إخواننا ، فأقبلوا عليهما فقتلوهما .
ثم دخلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه الخبر فوجدوا الخبر قد سبق إليه ، فقالوا : يا رسول الله ، غشينا المدينة ممسين ، فوجدنا رجلين من بني عامر ، فقتلناهما وهذا سلبهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بئس ما صنعتما ، فإنهما كانا من بني سليم" ، قال : وكان بين بني سليم وبين النبي صلى الله عليه وسلم موادعة وعهد ، فنزلت : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } ، يقول : لا تعجلوا بأمر ولا بفعل حتى يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { واتقوا الله } ولا تخالفوا على نبيكم ، { إن الله سميع } لما تقولون ، { عليم } ( الحجرات : 1 ) بما تفعلون .
وجاء أهل السليميين ، فقالوا : يا محمد ، إن صاحبينا أتياك فقتلا عندك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن صاحبيكما اعتزيا إلى عدونا حتى قتلا ، ولكنا سنعقل صاحبيكم" ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل عهده ، فبدأ ببني النضير ، فقال : "أنتم جيراننا وحلفاؤنا ، والأيام دول ، وقد رأيتم الذي أصابنا ، فاتخذوا عندنا يدا نجزكم بها غدا إن شاء الله" ، فقالوا : مرحبا بك وأهلا ، إخواننا بنو قريظة لا نحب أن نسبقهم بأمر ، ولكن ائتنا يوم كذا وكذا ، وقد جمعنا لك الذي تريد أن نعطيك .
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم ، فأرسلوا إلى بني قريظة : أن محمدا مغرور ، يأتينا في الرجل والرجلين ، فاجتمعوا له فاقتلوه ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لميعادهم ، ومعه ثلاثة نفر :
أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، رضي الله عنهم ، وهو صلى الله عليه وسلم رابعهم ، فأجلسوه في صفة لهم ، ثم خرجوا يجمعون السلاح له ، وكان كعب بن الأشرف عند ذلك بالمدينة ، فهم ينتظرونه حتى يأتيهم ، فأوحى الله عز وجل إلى نبيه ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما يراد به وبأصحابه ، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يؤذن أصحابه مخافة أن يثوروا بهم ، فأتى باب الدار ، فقام به .
فلما أبطأ على أصحابه ، خرج على لينظر ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو على الباب ، فقال : يا رسول الله ، احتبست علينا ، حتى خفنا عليك أن يكون قد اغتالك أحد ، قال : "فإن أعداء الله قد أرادوا ذلك ، فقم مكانك بالباب حتى يخرج إليه بعض أصحابك ، فأقمه مكانك وأخبره بالذي أخبرتك ، ثم الحقني" ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقام الآخر بالباب ، حتى خرج إليه صاحبه ، فقال : احتبست أنت ورسول الله ، حتى خفنا عليكما ، فأخبره الخبر ، فمكث مكانه ولحق الآخر برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أبطأوا على صاحبهم خرج ، فاتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذلك قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم } ، وهم اليهود ، { أن يبسطوا إليكم أيديهم } بالسوء ، { فكف أيديهم عنكم } { واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.