85- وها أنتم أولاء يقتل بعضكم بعضا ، ويخرج فريق منكم فريقاً آخر من ديارهم متعاونين في ذلك عليهم مع غيركم بالإثم والعدوان ، ثم إن وقع فريق منكم أسرى لدى من تتعاونون معهم تعملون على إنقاذهم من الأسر بافتدائهم ، وإن سئلتم عما حملكم على افتدائهم قلتم : لأن أسفارنا أمرتنا أن نفدي أسرانا من اليهود ، أو لم تأمركم أسفاركم كذلك ألا تسفكوا دماء إخوانكم ، وألا تخرجوهم من ديارهم ؟ ، أفتذعنون لبعض ما جاء في الكتاب وتكفرون ببعض ؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ، ويوم القيامة يردهم الله - المطلع على أعمالهم وسرائرهم - إلى أشد العذاب{[4]} .
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }
وهذا الفعل المذكور في هذه الآية ، فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة ، وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين ، وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية ، فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود ، بنو قريظة ، وبنو النضير ، وبنو قينقاع ، فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة .
فكانوا إذا اقتتلوا أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم{[92]} الفرقة الأخرى من اليهود ، فيقتل اليهودي اليهودي ، ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب ، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها ، وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا .
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم ، ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض ، ولا يخرج بعضهم بعضا ، وإذا وجدوا أسيرا منهم ، وجب عليهم فداؤه ، فعملوا بالأخير وتركوا الأولين ، فأنكر الله عليهم ذلك فقال : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ } وهو فداء الأسير { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهو القتل والإخراج .
وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي ، وأن المأمورات من الإيمان ، قال تعالى : { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } وقد وقع ذلك فأخزاهم الله ، وسلط رسوله عليهم ، فقتل من قتل ، وسبى من سبى منهم ، وأجلى من أجلى .
{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } أي : أعظمه { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
فماذا كان بعد الإقرار وهم شاهدون حاضرون ؟
( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان . وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ، وهو محرم عليكم إخراجهم . أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟ ) . .
ولقد كان هذا الذي يواجههم به واقعا قريب العهد قبيل غلبة الإسلام على الأوس والخزرج . كان الأوس والخزرج مشركين ، وكان الحيان أشد ما يكون حيان من العرب عداء . وكان اليهود في المدينة ثلاثة أحياء ترتبط بعهود مع هذا الحي وذاك من المشركين . . كان بنو قينقاع وبنو النضير حلفاء الخزرج ، وكان ينو قريظة حلفاء الأوس . فكانت الحرب إذا نشبت بينهم قاتل كل فريق مع حلفائه ؛ فيقتل اليهودي أعداءه ، وقد يقتل اليهودي اليهودي من الفريق الآخر - وهذا حرام عليهم بنص ميثاق الله معهم - وكانوا يخرجونهم من ديارهم إذا غلب فريقهم وينهبون أموالهم ويأخذون سباياهم - وهذا حرام عليهم بنص ميثاق الله معهم - ثم إذا وضعت الحرب أوزارها فادوا الأسارى ، وفكوا أسر المأسورين من اليهود هنا أو هناك ، عندهم أو عند حلفائهم أو أعداء حلفائهم على السواء - وذلك عملا بحكم التوراة وقد جاء فيها : إنك لا تجد مملوكا من بني إسرائيل إلا أخذته فأعتقته . .
هذا التناقض هو الذي يواجههم به القرآن ؛ وهو يسألهم في استنكار :
( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟ ) . .
وهذا هو نقض الميثاق الذي يتهددهم عليه بالخزي في الحياة الدنيا ، والعذاب الأشد في الآخرة . مع التهديد الخفي بأن الله ليس غافلا عنه ولا متجاوزا :
( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب . وما الله بغافل عما تعملون ) . .
{ ثُمّ أَنْتُمْ هََؤُلآءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مّنْكُمْ مّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىَ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ، أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ، فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدّونَ إِلَىَ أَشَدّ الّعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ } .
قال أبو جعفر : ويتجه في قوله : { ثُمّ أنْتُمْ }هَؤُلاَءِ وجهان :
أحدهما أن يكون أريد به : ثم أنتم يا هؤلاء ، فترك «يا » استغناء بدلالة الكلام عليه ، كما قال : { يُوسُفُ أعْرِضْ عَنْ هَذا } وتأويله : يا يوسف أعرض عن هذا . فيكون معنى الكلام حينئذ : ثم أنتم يا معشر يهود بني إسرائيل بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ، ثم أقررتم بعد شهادتكم على أنفسكم بأن ذلك حق لي عليكم لازم لكم الوفاء لي به ، { تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم } متعاونين عليهم في إخراجكم إياهم بالإثم والعدوان . والتعاون : هو التظاهر وإنما قيل : للتعاون التظاهر ، لتقوية بعضهم ظهر بعض ، فهو تفاعل من الظهر ، وهو مساندة بعضهم ظهره إلى ظهر بعض .
والوجه الاَخر أن يكون معناه : ثم أنتم قومٌ تقتلون أنفسكم فيرجع إلى الخبر عن «أنتم » ، وقد اعترض بينهم وبين الخبر عنهم بهؤلاء ، كما تقول العرب : أنا ذا أقوم ، وأنا هذا أجلس ، ولو قيل : أنا هذا أجلس كان صحيحا جائزا ، كذلك أنت ذاك تقوم .
وقد زعم بعض البصريين أن قوله «هؤلاء » في قوله : ثُمّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تنبيه وتوكيد ل«أنتم » ، وزعم أن «أنتم » وإن كانت كناية أسماء جماع المخاطبين ، فإنما جاز أن يؤكدوا ب«هؤلاء » و«أولاء » ، لأنها كناية عن المخاطبين ، كما قال خُفاف بن ندبة :
أقُولُ لَهُ وَالرّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنُهُ *** تَبَيّنْ خُفافا إنّنِي أنا ذَلِكا
يريد : أنا هذا . وكما قال جل ثناؤه : { حتى إذَا كُنْتُمْ في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ } .
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية نحو اختلافهم فيمن عني بقوله : { وأنْتُمْ تَشْهَدونَ } . ذكر اختلاف المختلفين في ذلك :
حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : { ثُمّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ وتُخْرِجُونَ فَرِيقا مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بإِلاثْمِ والعُدْوَانِ } إلى أهل الشرك حتى تسفكوا دماءهم معهم ، وتخرجوهم من ديارهم معهم . فقال : أنّبهم الله ( على ذلك ) من فعلهم ، وقد حرّم عليهم في التوراة سفك دمائهم ، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم فكانوا فريقين : طائفة منهم من بني قينقاع حلفاء الخزرج والنضير وقريظة حلفاء الأوس ، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج ، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس ، يظاهر كل من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم التوراة يعرفون منها ما عليهم وما لهم ، والأوس والخزرج أهل شِرْكٍ يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا بعثا ، ولا قيامة ، ولا كتابا ، ولا حراما ، ولا حلالاً ، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم ، تصديقا لما في التوراة وأخذا به بعضهم من بعض : يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس ، وتفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم ، ويُطِلّون ما أصابوا من الدماء وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم . يقول الله تعالى ذكره حين أنّبهم بذلك : { أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } أي تفادونه بحكم التوراة وتقتلونه وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من ذلك ، ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عَرضَ من عَرضَ الدنيا . ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة .
وحدثني موسى بن هارون ، قال : حدثني عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارَكُمْ ثُمّ أَقْرَرْتُمْ وَأنْتُمْ تَشْهَدُونَ } قال : إن الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا ، وأيّما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام ثمنه فأعتقوه . فكانت قريظة حلفاء الأوس ، والنضير حلفاء الخزرج ، فكانوا يقتتلون في حرب سُمَيْر ، فتقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءَها . وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها فيغلبونهم ، فيخرّبون بيوتهم ويخرجونهم منها ، فإذا أسر الرجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه ، فتعيرهم العرب بذلك ، ويقولون : كيف تقاتلونهم وتفدونهم ؟ قالوا : إنا أمرنا أن نفديهم وحرّم علينا قتالهم ، قالوا : فلم تقاتلونهم ؟ قالوا : إنا نستحيي أن تستذلّ حلفاؤنا . فذلك حين عيرهم جل وعز فقال : { ثُمّ أنْتُمْ هَولاء تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرَيقا مِنْكُمْ مِنْ ديارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثم وَالعُدْوَانَ } .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : كانت قريظة والنضير أخوين ، وكانوا بهذه المثابة ، وكان الكتاب بأيديهم . وكانت الأوس والخزرج أخوين فافترقا ، وافترقت قريظة والنضير ، فكانت النضير مع الخزرج ، وكانت قريظة مع الأوس . فاقتتلوا ، وكان بعضهم يقتل بعضا ، فقال الله جل ثناؤه : { ثُمّ أنّتُمْ هَولاء تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ وَتُخْرجُونَ فَريقا مِنْكُمْ مِنْ دِيارهِمْ } الآية . وقال آخرون بما :
حدثني به المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية قال : كان في بني إسرائيل إذا استضعفوا قوما أخرجوهم من ديارهم ، وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم .
وأما العدوان فهو الفعلان من التعدي ، يقال منه : عدا فلان في كذا عدوا وعدوانا ، واعتدى يعتدي اعتداءً ، وذلك إذا جاوز حدّه ظلما وبغيا .
وقد اختلف القراء في قراءة : تَظَاهَرُونَ فقرأها بعضهم : تظاهرون ، على مثال «تفاعلون » فحذف التاء الزائدة وهي التاء الاَخرة . وقرأها آخرون : «تظّاهرون » ، فشدّد بتأويل «تتظاهرون » ، غير أنهم أدغموا التاء الثانية في الظاء لتقارب مخرجيهما فصيّروهما ظاء مشددة . وهاتان القراءتان وإن اختلفت ألفاظهما فإنهما متفقتا المعنى ، فسواء بأي ذلك قرأ القارىء ، لأنهما جميعا لغتان معروفتان وقراءتان مستفيضتان في أمصار الإسلام بمعنى واحد ليس في إحداهما معنى تستحق به اختيارها على الأخرى إلا أن يختار مختار تظاهرون المشددة طلبا منه تتمة الكلمة .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنْ يَأتُوكُمْ أسارَى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ إخْرَاجُهُمْ أفَتُؤمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } .
يعني بقوله جل ثناؤه : { وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أسارَى تُفادُوهُمْ } اليهود يوبخهم بذلك ، ويعرّفهم به قبيح أفعالهم التي كانوا يفعلونها . فقال لهم : ثم أنتم بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم أن لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ يعني به يقتل بعضُكم بعضا ، وأنتم مع قتلكم من تقتلون منكم إذا وجدتم الأسير منكم في أيدي غيركم من أعدائكم تَفْدُونه ويخرج بعضكم بعضا من دياره . وقَتْلُكم إياهم وإخراجُكُموهم من ديارهم حرام عليكم وتَرْكُهم أسرى في أيدي عدوّكم ، فكيف تستجيزون قتلهم ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوّهم ؟ أم كيف لا تستجيزون ترك فدائهم وتستجيزون قتلهم ؟ وهم جميعا في اللازم لكم من الحكم فيهم سواء ، لأن الذي حرّمت عليكم من قتلهم وإخراجهم من دورهم نظير الذي حرمت عليكم من تركهم أسرى في أيدي عدوّهم ، أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْض الكِتاب الذي فرضت عليكم فيه فرائضي وبينت لكم فيه حدودي وأخذت عليكم بالعمل بما فيه ميثاقي فتصدّقون به ، فتفادون أسراكم من أيدي عدوّكم وتَكْفُرُونَ ببعضه فتجحدونه فتقتلون من حرّمت عليكم قتله من أهل دينكم ومن قومكم ، وتخرجونهم من ديارهم ؟ وقد علمتم أن الكفر منكم ببعضه نقض منكم عهدي وميثاقي . كما :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { ثُمّ أنْتُمْ هَولاء تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقا مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ والعُدْوَانِ وَإِنْ يأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهم وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ إخْرَاجُهُمْ أفتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } فادين والله إن فداءهم لإيمان وإن إخراجهم لكفر ، فكانوا يخرجونهم من ديارهم ، وإذا رأوهم أسارى في أيدي عدوّهم افْتَكّوهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة ، عن ابن عباس : { وَإِنْ يَأتُوكُمْ أُسارَى تَفْدُوهُمْ } قد علمتم أن ذلكم عليكم في دينكم ، وَهُوَ محرّمٌ عليكُم في كتابكم إخراجهُم أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ أتفادونهم مؤمنين بذلك ، وتخرجونهم كفرا بذلك ؟
حدثني محمد بن عمرو ، قال حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَإِنْ يأتُوكُمْ أسَارَى تَفْدُوهُمْ } يقول : إن وجدته في يد غيرك فديته وأنت تقتله بيدك ؟
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، قال : قال أبو جعفر : كان قتادة يقول في قوله : { أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } فكان إخراجهم كفرا وفداؤهم إيمانا .
حدثنا المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : { ثُمّ أنتُمْ هَولاَءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ } الآية ، قال : كان في بني إسرائيل إذا استضعفوا قوما أخرجوهم من ديارهم ، وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم ، وأخذ عليهم الميثاق إن أسر بعضهم أن يفادوهم . فأخرجوهم من ديارهم ثم فادوهم . فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض آمنوا بالفداء ففدوا ، وكفروا بالإخراج من الديار فأخرجوا .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، قال : حدثنا الربيع بن أنس ، قال : أخبرني أبو العالية : أن عبد الله بن سلام مرّ على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه العرب ، فقال له عبد الله بن سلام : أما إنه مكتوب عندك في كتابك أنْ فادوهنّ كلهن .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : { أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } قال : كفرهم القتل والإخراج ، وإيمانهم الفداء . قال ابن جريج : يقول : إذا كانوا عندكم تقتلونهم وتخرجونهم من ديارهم . وأما إذا أسروا تفدونهم ؟ وبلغني أن عمر بن الخطاب قال في قصة بني إسرائيل : إن بني إسرائيل قد مضوا وإنكم أنتم تُعْنَون بهذا الحديث .
واختلف القراء في قراءة قوله : { وَإنْ يأتُوكُمْ أسارَى تَفْدوهُمْ } فقرأه بعضهم : «أسرى تفدوهم » ، وبعضهم : «أسارى تفادوهم » ، وبعضهم : «أسارى تفدوهم » ، وبعضهم : «أسرى تفادوهم » .
قال أبو جعفر : فمن قرأ ذلك : «وإن يأتوكم أسرى » ، فإنه أراد جمع الأسير ، إذْ كان على «فعيل » على مثال جمع أسماء ذوي العاهات التي يأتي واحدها على تقدير فعيل ، إذْ كان الأسر شبيه المعنى في الأذى والمكروه الداخل على الأسير ببعض معاني العاهات وألحق جمع المستلحق به بجمع ما وصفنا ، فقيل أسير وأَسْرى ، كما قيل مريض ومَرْضَى وكَسِير وكَسْرى ، وجريح وجَرْحى .
وقال أبو جعفر : وأما الذين قرءوا ذلك : «أُسارى » ، فإنهم أخرجوه على مخرج جمع فُعْلان ، إذ كان جمع «فعلان » الذي له «فَعْلَى » قد يشارك جمع «فعيل » ، كما قالوا سكارى وسكرى وكسالى وكسلى ، فشبهوا أسيرا وجمعوه مرة أُسارى وأخرى أَسْرى بذلك . وكان بعضهم يزعم أن معنى الأسرى مخالف معنى الأسارى ، ويزعم أن معنى الأسرى استئسار القوم بغير أسر من المستأسر لهم ، وأن معنى الأسارى معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الاَسرين بأسرهم وأخذهم قهرا وغلبة .
قال أبو جعفر : وذلك ما لا وجه له يفهم في لغة أحد من العرب ، ولكن ذلك على ما وصفت من جمع الأسير مرة على «فَعْلى » لما بينت من العلة ، ومرة على «فُعالى » لما ذكرت من تشبيههم جمعه بجمع سكران وكسلان وما أشبه ذلك .
وأولى بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : { وَإِنْ يَأتُوكُمْ أَسْرَى } لأن «فُعالى » في جمع «فَعِيل » غير مستفيض في كلام العرب . فإذا كان ذلك غير مستفيض في كلامهم ، وكان مستفيضا فاشيا فيهم جمع ما كان من الصفات التي بمعنى الاَلام والزمانة واحدة على تقدير «فعيل » على «فَعْلى » كالذي وصفنا قبل ، وكان أحد ذلك الأسير كان الواجب أن يلحق بنظائره وأشكاله فيجمع جمعها دون غيرها ممن خالفها .
وأما من قرأ : { تُفادُوهُمْ } فإنه أراد أنكم تفدونهم من أسرهم ، ويفدى منكم الذين أسروهم ففادوكم بهم أسراكم منهم .
وأما من قرأ ذلك : «تَفْدُوهُمْ » فإنه أراد أنكم يا معشر اليهود إن أتاكم الذين أخرجتموهم منكم من ديارهم أسرى فديتموهم فاستنقذتموهم . وهذه القراءة أعجب إليّ من الأولى ، أعني : «أسرى تفدوهم » لأن الذي على اليهود في دينهم فداء أسراهم بكل حال فَدَى الاَسرون أسراهم منهم أم لم يفدوهم .
وأما قوله : { وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ إخْرَاجُهُمْ } فإن في قوله : وَهُوَ وجهين من التأويل أحدهما : أن يكون كناية عن الإخراج الذي تقدم ذكره ، كأنه قال : وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، وإخراجهم محرّم عليكم . ثم كرّر الإخراج الذي بعد وهو محرم عليكم تكريرا على «هو » ، لما حال بين «الإخراج » و«هو » كلام . والتأويل الثاني : أن يكون عمادا لما كانت الواو التي مع «هو » تقتضي اسما يليها دون الفعل ، فلما قدم الفعل قبل الاسم الذي تقتضيه الواو أن يليها أولِيَتْ «هو » لأنه اسم ، كما تقول : أتيتك وهو قائم أبوك ، بمعنى : وأبوك قائم ، إذْ كانت الواو تقتضي اسما فعمدت ب«هو » ، إذ سبق الفعل الاسم ليصلح الكلام كما قال الشاعر :
فأبْلِغْ أبا يَحيى إذَا ما لَقِيتَهُ *** على العِيسِ فِي آباطِها عَرَقٌ يَبْسُ
بأنّ السّلامَى الّذِي بِضَرِيّةٍ *** أمِيرَ الحِمَى قدْ بَاعَ حَقّي بني عَبْسِ
بِثَوْبٍ وَدِينارٍ وَشاةٍ ودِرْهَمٍ *** فَهْل هُوَ مَرْفُوعٌ بِما هَهُنَا رأسُ
فأوليت «هل » لطلبها الاسم العماد .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدّنْيَا } .
يعني بقوله جل ثناؤه : { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ } فليس لمن قتل منكم قتيلاً فكفر بقتله إياه بنقض عهد الله الذي حكم به عليه في التوراة ، وأخرج منكم فريقا من ديارهم مظاهرا عليهم أعداءهم من أهل الشرك ظلما وعدوانا وخلافا لما أمره الله به في كتابه الذي أنزله إلى موسى ، جزاء يعني بالجزاء : الثواب وهو العوض مما فعل من ذلك والأجر عليه ، إِلاّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدّنْيَا والخِزْي الذلّ والصغار ، يقال منه : «خَزِي » الرجل يَخْزَى خِزْيا » . فِي الحياة الدنيا ، يعني في عاجل الدنيا قبل الاَخرة .
ثم اختلف في الخزي الذي أخزاهم الله بما سلف من معصيتهم إياه .
فقال بعضهم : ذلك هو حكم الله الذي أنزله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من أخذ القاتل بمن قتل والقَوَد به قصاصا ، والانتقام للمظلوم من الظالم .
وقال آخرون : بل ذلك هو أخذ الجزية منهم ما أقاموا على دينهم ذلة لهم وصَغَارا .
وقال آخرون : بل ذلك الخزي الذي جَوّزوا به في الدنيا إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم النّضِيرَ من ديارهم لأوّل الحشر ، وقتل مقاتلة قريظة وسَبْي ذراريهم فكان ذلك خزيا في الدنيا ، ولهم في الاَخرة عذاب عظيم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدّونَ إِلى أشَدّ العَذَابِ } .
يعني بقوله : { وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدّونَ إلى أشَدّ العَذَابِ } : ويوم تقوم الساعة يردّ من يفعل ذلك منكم بعد الخزي الذي يحلّ به في الدنيا جزاءً على معصية الله إلى أشدّ العذاب الذي أعدّ الله لأعدائه .
وقد قال بعضهم : معنى ذلك : { وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدّونَ إلى أشَدّ العَذَابِ }من عذاب الدنيا . ولا معنى لقول قائل ذلك . ذلك بأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنهم يردّون إلى أشدّ معاني العذاب ولذلك أدخل فيه الألف واللام ، لأنه عنى به جنس العذاب كله دون نوع منه .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ } .
اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : «وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ » بالياء على وجه الإخبار عنهم ، فكأنهم نَحَوْا بقراءتهم معنى «فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذلكَ مِنْكُمْ إلاّ خِزْيٌ فِي الحَياةِ الدّنْيا ويَوْمَ القِيامَةِ يُرَدّونَ إلى أشَدّ العَذَابِ وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ » يعني عما يعمله الذين أخبر الله عنهم أنه ليس لهم جزاء على فعلهم إلا الخزي في الحياة الدنيا ، ومرجعهم في الاَخرة إلى أشدّ العذاب .
وقرأه آخرون : وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ بالتاء على وجه المخاطبة قال : فكأنهم نَحَوْا بقراءتهم : أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضِ . . . وَما اللّهُ بِغافِلٍ يا معشر اليهود عَمّا تَعْمَلُونَ أنتم .
وأعجب القراءتين إليّ قراءة من قرأ بالياء اتباعا لقوله : { فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلكَ مِنْكُمْ } ولقوله : { وَيَوْمَ القِيامَةِ يُرَدّونَ } لأن قوله : «وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ » إلى ذلك أقرب منه إلى قوله : { أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُون بِبَعْضٍ } فاتباعه الأقرب إليه أولى من إلحاقه بالأبعد منه . والوجه الاَخر غير بعيد من الصواب . وتأويل قوله : وما الله بساه عن أعمالهم الخبيثة ، بل هو مُحْصٍ لها وحافظها عليهم حتى يجازيهم بها في الاَخرة ويخزيهم في الدنيا فيذلهم ويفضحهم .
{ ثم أنتم هؤلاء } استبعاد لما ارتكبوه بعد الميثاق والإقرار به والشهادة عليه . وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره على معنى أنتم بعد ذلك هؤلاء الناقصون ، كقولك أنت ذلك الرجل الذي فعل كذا ، نزل تغير الصفة منزلة تغير الذات ، وعدهم باعتبار ما أسند إليهم حضورا وباعتبار ما سيحكي عنهم غيبا . وقوله تعالى : { تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم } إما حال والعامل فيها معنى الإشارة ، أو بيان لهذه الجملة . وقيل : هؤلاء تأكيد ، والخبر هو الجملة . وقيل بمعنى الذين والجملة صلته والمجموع هو الخبر ، وقرئ { تقتلون } على التكثير . { تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان } حال من فاعل تخرجون ، أو من مفعوله ، أو كليهما . والتظاهر التعاون من الظهر . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بحذف إحدى التاءين وقرئ بإظهارها ، وتظهرون بمعنى تتظهرون { وإن يأتوكم أسارى تفادوهم } روي أن قريظة كانوا حلفاء الأوس ، والنضير حلفاء الخزرج ، فإذا اقتتلا عاون كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها ، وإذا أسر أحد من الفريقين جمعوا كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها ، وإذا أسر أحد من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه . وقيل معناه إن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدوا لإنقاذهم بالإرشاد والوعظ مع تضييعكم أنفسكم كقوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } . وقرأ حمزة { أسرى } وهو جمع أسير كجريح وجرحى ، وأسارى جمعه كسكرى وسكارى . وقيل هو أيضا جمع أسير ، وكأنه شبه بالكسلان وجمع جمعه . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وابن عامر " تفدوهم " { وهو محرم عليكم إخراجهم } متعلق بقوله { وتخرجون فريقا منكم من ديارهم } ، وما بينهما اعتراض ، والضمير للشأن ، أو مبهم ويفسره إخراجهم ، أو راجع إلى ما دل عليه تخرجون من المصدر ، وإخراجهم بدل أو بيان { أفتؤمنون ببعض الكتاب } يعني الفداء .
{ وتكفرون ببعض } يعني حرمة المقاتلة والإجلاء . { فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا } كقتل قريظة وسبيهم . وإجلاء بني النضير ، وضرب الجزية على غيرهم . وأصل الخزي ذل يستحيا منه ، ولذلك يستعمل في كل منهما . { ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب } لأن عصيانهم أشد . { وما الله بغافل عما تعملون } تأكيد للوعيد ، أي الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لا يغفل عن أفعالهم . وقرأ عاصم في رواية المفضل ، " تردون " على الخطاب لقوله { منكم } . وابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر ، وخلف ويعقوب " يعملون " على أن الضمير لمن .