المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

21- يا قوم أطيعوا أمر الله ، فادخلوا الأرض المقدسة التي قدَّر الله عليكم دخولها ، ولا تتراجعوا أمام أهلها الجبارين ، فتعودوا خاسرين نصر الله ورضوانه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

فذكرهم بالنعم الدينية والدنيوية ، الداعي ذلك لإيمانهم وثباته ، وثباتهم على الجهاد ، وإقدامهم عليه ، ولهذا قال : { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ }

أي : المطهرة { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } فأخبرهم خبرا تطمئن به أنفسهم ، إن كانوا مؤمنين مصدقين بخبر الله ، وأنه قد كتب الله لهم دخولها ، وانتصارهم على عدوهم . { وَلَا تَرْتَدُّوا } أي : ترجعوا { عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } قد خسرتم دنياكم بما فاتكم من النصر على الأعداء وفتح بلادكم . وآخرتكم بما فاتكم من الثواب ، وما استحققتم -بمعصيتكم- من العقاب ، فقالوا قولا يدل على ضعف قلوبهم ، وخور نفوسهم ، وعدم اهتمامهم بأمر الله ورسوله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

لقد جربهم في مواطن كثيرة طوال الطريق الطويل . . ثم ها هو ذا معهم على أبواب الأرض المقدسة . أرض الميعاد التي من أجلها خرجوا . الأرض التي وعدهم الله أن يكونوا فيها ملوكا ، وأن يبعث من بينهم الأنبياء فيها ليظلوا في رعاية الله وقيادته . .

لقد جربهم فحق له أن يشفق ، وهو يدعوهم دعوته الأخيرة ، فيحشد فيها ألمع الذكريات ، وأكبر البشريات ، وأضخم المشجعات وأشد التحذيرات :

( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ) . .

نعمة الله . ووعده الواقع من أن يجعل فيهم أنبياء ويجعلهم ملوكا . وإيتاءه لهم بهذا وذلك ما لم يؤت أحدا من العالمين حتى ذلك التاريخ . والأرض المقدسة التي هم مقدمون عليها مكتوبة لهم بوعد الله . فهي إذن يقين . . وقد رأوا من قبل كيف صدقهم الله وعده . وهذا وعده الذي هم عليه قادمون . . والارتداد على الأدبار هو الخسران المبين . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدّوا عَلَىَ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } . .

وهذا خبر من الله عزّ ذكره عن قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه من بني إسرائيل ، وأمره إياهم عن أمر الله إياه ، يأمرهم بدخول الأرض المقدسة .

ثم اختلف أهل التأويل في الأرض التي عناها بالأرض المقدسة ، فقال بعضهم : عنى بذلك : الطور وما حوله . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الأرض المقدسة : الطور وما حوله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني الحارث بن محمد ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ قال : الطّور وما حوله .

وقال آخرون : هو الشأم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : الأرْضُ المقدّسة قال : هي الشأم .

وقال آخرون : هي أرض أريحاء . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَة التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ قال : أريحاء .

حدثني يوسف بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : هي أريحاء .

حدثني عبد الكريم بن الهيثم ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : هي أريحاء .

وقيل : إن الأرض المقدسة : دمشق وفلسطين وبعض الأردنّ . وعنى بقوله المُقَدّسَة : المطهرة المباركة . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الأرْضَ المُقَدّسَة قال : المباركة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بمثله .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : هي الأرض المقدسة ، كما قال نبيّ الله موسى صلى الله عليه وسلم . لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض ، لا تدرك حقيقة صحته إلاّ بالخبر ، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به ، غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي بين الفرات وعريش مصر لإجماع جميع أهل التأويل والسير والعلماء بالأخبار على ذلك . ويعني بقوله : التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ : التي أثبت في اللوح المحفوظ أنها لكم مساكن ، ومنازل دون الجبابرة التي فيها .

فإن قال قائل : فكيف قال : التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ، وقد علمت أنهم لم يدخلوها بقوله : فإنّها مُحَرّمَةٌ عَلَيْهِمْ ؟ فكيف يكون مثبتا في اللوح المحفوظ أنها مساكن لهم ، ومحرّما عليهم سكناها ؟ قيل : إنها كتبت لبني إسرائيل دارا ومساكن ، وقد سكنوها ونزلوها ، وصارت لهم كما قال الله جلّ وعزّ . وإنما قال لهم موسى : ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَة التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ يعني بها : كتبها الله لبني إسرائيل وكان الذين أمرهم موسى بدخولها من بني إسرائيل ولم يعن صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ذكره كتبها للذين أمرهم بدخولها بأعيانهم ، ولو قال قائل : قد كانت مكتوبة لبعضهم ، ولخاصّ منهم ، فأخرج الكلام على العموم والمراد منه الخاص ، إذ كان يُوشَع وكالب قد دخلا ، وكانا ممن خوطب بهذا القول ، كان أيضا وجها صحيحا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق : التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ : التي وهب الله لكم .

وكان السديّ يقول : معنى «كتب » في هذا الموضع بمعنى «أمر » .

حدثنا بذلك موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَة التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ : التي أمركم الله بها .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَرْتَدّوا على أدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ .

وهذا خبر من الله عزّ ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل ، إذ أمرهم عن أمر الله عزّ ذكره إياه بدخول الأرض المقدسة ، أنه قال لهم : امضوا أيها القوم لأمر الله الذي أمركم به من دخول الأرض المقدسة ، وَلا تَرْتَدّوا يقول : لا ترجعوا القهقري مرتدين على أدْبَارِكُمْ يعني : إلى ورائكم ، ولكن امضوا قدما لأمر الله الذي أمركم به من الدخول على القوم الذين أمركم الله بقتالهم والهجوم عليهم في أرضهم ، وأن الله عزّ ذكره قد كتبها لكم مسكنا وقرارا .

ويعني بقوله : فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ : أنكم تنصرفوا خائبين هكذا . وقد بينا معنى الخسارة في غير هذا الموضع بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع .

فإن قال قائل : وما كان وجه قيل موسى لقومه إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة لا ترتدّوا على أدْبارِكُمْ فتنقلبوا خاسرين ؟ أو يستوجب الخسارة من لم يدخل أرضا جعلت له ؟ قيل : إن الله عزّ ذكره كان أمره بقتال من فيها من أهل الكفر به وفرض عليهم دخولها ، فاستوجب القوم الخسارة بتركهم . إذا فرض الله عليهم من وجهين : أحدهما تضييع فرض الجهاد الذي كان الله فرضه عليهم . والثاني : خلافهم أمر الله في تركهم دخول الأرض ، وقولهم لنبيهم موسى صلى الله عليه وسلم إذ قال لهم «ادخلوا الأرض المقدسة » : إنّا لَنْ نَدْخُلَها حتى يَخْرُجُوا مِنْها فإنْ يَخْرُجُوا مِنْها فإنّا دَاخِلُونَ .

كان قتادة يقول في ذلك بما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَة التي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ أمروا بها كما أمروا بالصلاة والزكاة والحجّ والعمرة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

{ يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة } أرض بيت المقدس سميت بذلك لأنها كانت قرار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومسكن المؤمنين . وقيل : الطور وما حوله . وقيل : دمشق وفلسطين وبعض الأردن . وقيل الشام . { التي كتب الله لكم } قسمها لكم أو كتب في اللوح أنها تكون مسكنا لكم ، ولكن إن آمنتم وأطعتم لقوله لهم بعدما عصوا { فإنها محرمة عليهم } . { ولا ترتدوا على أدباركم } ولا ترجعوا مدبرين خوفا من الجبابرة قيل لما سمعوا حالهم من النقباء بكوا وقالوا : ليتنا متنا بمصر تعالوا نجعل علينا رأسا ينصرف بنا إلى مصر ، أو لا ترتدوا عن دينكم بالعصيان وعدم الوثوق على الله سبحانه وتعالى . { فتنقلبوا خاسرين } ثواب الدارين ، ويجوز في فتنقلبوا الجزم على العطف والنصب على الجواب .