18- وأنزلنا من السماء مطراً بحكمة وتقدير في تكوينه وإنزاله ، وتيسيراً للانتفاع به جعلناه مستقراً في الأرض علي ظهرها وفي جوفها ، وإنا لقادرون علي إزالته وعدم تمكينكم من الانتفاع به ، ولكنا لم نفعل رحمة بكم ، فآمنوا بخالقه واشكروه{[141]} .
{ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } يكون رزقا لكم ولأنعامكم بقدر ما يكفيكم ، فلا ينقصه ، بحيث لا يكفي الأرض والأشجار ، فلا يحصل منه المقصود ، ولا يزيده زيادة لا تحتمل ، بحيث يتلف المساكن ، ولا تعيش معه النباتات والأشجار ، بل أنزله وقت الحاجة لنزوله ثم صرفه عند التضرر من دوامه ، { فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ } أي : أنزلناه عليها ، فسكن واستقر ، وأخرج بقدرة منزله ، جميع الأزواج النباتية ، وأسكنه أيضا معدا في خزائن الأرض ، بحيث لم يذهب نازلا ، حتى لا يوصل إليه ، ولا يبلغ قعره ، { وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } إما بأن لا ننزله ، أو ننزله ، فيذهب نازلا لا يوصل إليه ، أو لا يوجد منه المقصود منه ، وهذا تنبيه منه لعباده أن يشكروه على نعمته ، ويقدروا عدمها ، ماذا يحصل به من الضرر ، كقوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }
( وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ؛ وإنا على ذهاب به لقادرون ) . .
وهنا تتصل تلك الطرائق السبع بالأرض . فالماء نازل من السماء ؛ وله علاقة بتلك الأفلاك . فتكوين الكون على نظامه هذا ، هو الذي يسمح بنزول الماء من السماء ، ويسمح كذلك بإسكانه في الأرض .
ونظرية أن المياه الجوفية ناشئة من المياه السطحية الآتية من المطر ؛ وأنها تتسرب إلى باطن الأرض فتحفظ هناك . . نظرية حديثة . فقد كان المظنون إلى وقت قريب أنه لا علاقة بين المياه الجوفية والمياه السطحية . ولكن ها هو ذا القرآن الكريم يقرر هذه الحقيقة قبل ألف وثلاث مائة عام .
( وأنزلنا من السماء ماء بقدر ) . . بحكمة وتدبير ، لا أكثر فيغرق ويفسد ؛ ولا أقل فيكون الجدب والمحل ؛ ولا في غير أوانه فيذهب بددا بلا فائدة . .
( فأسكناه في الأرض ) . . وما أشبهه وهو مستكن في الأرض بماء النطفة وهو مستقر في الرحم .
( في قرار مكين ) . . كلاهما مستقر هنالك بتدبير الله لتنشأ عنه الحياة . . وهذا من تنسيق المشاهد على طريقة القرآن في التصوير . .
( وإنا على ذهاب به لقادرون ) . . فيغور في طبقات الأرض البعيدة بكسر أو شق في الطبقات الصخرية التي استقر عليها فحفظته . أو بغير هذا من الأسباب . فالذي أمسكه بقدرته قادر على تبديده وإضاعته . إنما هو فضل الله على الناس ونعمته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.