الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّـٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابِۭ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ} (18)

ثم قال : { وأنزلنا من السماء ماء بقدر } يعني : مياه الأرض كلها أصلها من السماء ، أسكنه الله الأرض لينتفع به خلقه .

قال ابن جريج{[47346]} : ( ماء الأرض هو ماء{[47347]} السماء ) فما الآبار والأدوية{[47348]} والعيون ، وهو من ماء السماء أصله ، أسكنه الله الأرض .

قوله تعالى : { وإنا على ذهاب به لقادرون }[ 18 ] .

أي : وإنا لقادرون على أن تذهب بالماء الذي أسكناه الأرض فتهلكوا بالعطش وتهلك مواشيكم وهذا مثل قوله : { قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن ياتيكم بماء معين }{[47349]} فمن نعمة الله على خلقه أن أسكن لهم الماء في الأرض مخزونا يشربونه ويسقون مواشيهم ويسقون زرعهم أجننهم ، ويتطهرون به وغير ذلك من منافعهم به .

وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار : سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر مصر أنزلها{[47350]} الله من عين{[47351]} واحدة من عيون الجنة في أسفل درجة من{[47352]} رجاتها ، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض ، وجعل فيها معايش للناس في أصناف معا معايشهم ، وذلك قول تعالى ذكره : { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض } وإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج ، أرسل الله عز وجل جبريل صلى الله عليه وسلم ، فرفع من الأرض القرآن والعلم وهذه الأنهار الخمسة ، فيرفع ذلك إلى السماء ، فذلك قوله تعالى : { وإنا على ذهاب به لقادرون }{[47353]} .


[47346]:انظر: جامع البيان 18/12.
[47347]:ز: كلها.
[47348]:الأدوية سقطت من ز.
[47349]:الملك الآية 30.
[47350]:ز: أنزله.
[47351]:ز: غير. (تحريف).
[47352]:درجة من سقط من ز.
[47353]:انظر: تفسير القرطبي 12/113 والدر المنثور 5/8.