نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّـٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابِۭ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ} (18)

ولما ساق سبحانه هذين الدليلين على القدرة على البعث ، أتبعهما بما هو من جنسهما ومشاكل للأول منهما ، وهو مع ذلك دليل على ختام الثاني من أنه من أجلّ النعم التي يجب شكرها ، فقال : { وأنزلنا } أي بعظمتنا { من السماء } أي من جهتها { ماء بقدر } لعله - والله أعلم - بقدر ما يسقي الزروع والأشجار ، ويحيي البراري والقفار ، وما تحتاج إليه البحار ، مما تصب فيها الأنهار ، إذ لو كان فوق ذلك لأغرقت البحار الأقطار ، ولو كان دون ذلك لأدى إلى جفاف النبات والأشجار { فأسكنّاه } بعظمتنا { في الأرض } بعضه على ظهرها وبعضه في بطنها ، ولم نعمها بالذي على ظهرها ولم نغور ما في بطنها ليعم نفعه وليسهل الوصول إليه { وإنا } على ما لنا من العظمة { على ذهاب به } أي على إذهابه بأنواع الإذهاب بكل طريق بالإفساد والرفع والتغوير وغير ذلك ، مع إذهاب البركة التي تكون لمن كنا معه { لقادرون* } قدرة هي في نهاية العظمة ، فإياكم والتعرض لما يسخطنا .