{ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ( 18 ) فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ( 19 ) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ( 20 ) } .
18 - وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ .
السماء : السماء في اللغة : كل ما علاك ؛ والمراد بالسماء هنا : إما السحاب ، فمنه ينزل المطر . وإما السماء المعروفة ، والمقصود من إنزال المطر من السماء ، إنزاله بسببها ؛ فإن المطر أصله أبخرة صاعدة من البحار ، بسبب تسلط حرارة الشمس عليها ، والشمس من السماء .
بقدر : بتقدير خاص ، وهو مقدار كفايتهم .
فأسكناه في الأرض : جعلناه ثابتا قارا في الأرض .
الذهاب : الإزالة ، بأن نحبس المطر عنكم ، أو ننقله إلى جهات أخرى ، أو نجعله يغور في الأرض ، إلى أماكن بعيدة لا تقدرون على استنباطه منها .
أنزلنا من السحاب ماء بتقدير الإله الحكيم ، ليس أكثر من اللازم ؛ فيتحول إلى سيول وطوفان يتلف ويغرق ، وليس أقل من اللازم ؛ فينتشر التصحر ، وتجدب الأرض ، ولكن الله أنزل الماء بقدر حتى إن الأرضين التي تحتاج إلى ماء كثير لزرعها ، ولا تحتمل تربتها إنزال المطر عليها ، يساق إليها الماء من بلاد أخرى كما في أرض مصر ، ويقال لمثلها : ( الأرض الجرز ) فيساق إليها ماء النيل ، من بلاد الحبشة مارا بالسودان ، ويستفيد بهذا الماء الإنسان والحيوان والنبات .
فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ .
جعلنا الماء يستقر في الأرض ، ويخزن فيها ، ومن هذا الماء تنبع العيون والأنهار والآبار .
وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ .
لو شئنا أن نغوره في بعد سحيق لفعلنا ، ولو شئنا أن نحوله إلى ملح أجاج لفعلنا ، ولو شئنا أن نحمله إلى بلاد أخرى لفعلنا ، ولو شئنا أن نمسك إنزاله من السماء لفعلنا ؛ فبقدرتنا ونعمتنا ننزل عليكم المطر ؛ لتستفيدوا به في الزراعة والشرب والطهارة والاغتسال ، وبقدرتنا نحفظ جانبا منه في الأرض ، لتستفيدوا به عند الحاجة .
ومن الواجب على العباد أن يتذكروا هذه النعمة ، وأن يديموا شكر الله عليها ، ويظهر وجه الإعجاز في هذه الآية عندما نلمح أن الحروب القادمة ، ستكون بسبب التنازع على الماء ، وأن أفضال الله على العباد لا حصر لها ولا عدد ، وعندما نقارن بين النطفة وهي تستقر في مكان أمين ، وهو الرحم الذي يحافظ عليها ، وكذلك ماء السماء الذي يستقر في الأرض ، ويستفاد به عند الحاجة ، ويغذي العيون والآبار ؛ نلمح الإعجاز في كلمة : فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ . أي : مكناه في الأرض ؛ وجعلناها له قرارا ومهدا ؛ وسكنا وموئلا ، كما جعلنا رحم الأم سكنا ومهدا ، وموئلا للنطفة حتى يتم تخليقها بقدرة الله العلي القدير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.