التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّـٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابِۭ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ} (18)

قوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون }

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون } ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه أنزل من السماء ماء معظما نفسه جل وعلا بصيغة الجمع المراد بها التعظيم ، وأن ذلك الماء أنزله من السماء ، أسكنه في الأرض لينتفع به الناس في الآبار ، والعيون ، ونحو ذلك وأنه جل وعلا قادر على إذهابه لو شاء أن يذهبه فيهلك جميع الخلق بسبب ذهاب الماء من أصله جوعا وعطشا وبين أنه أنزله بقدر أي بمقدار معين عنده يحصل به نفع الخلق ولا يكثره عليهم ، حتى يكون كطوفان نوح لئلا يهلكهم فهو ينزله بالقدر الذي فيه المصلحة ، دون المفسدة سبحانه جل وعلا ما أعظمه وما أعظم لطفه بخلقه . وهذه المسائل الثلاث التي ذكرها في هذه الآية الكريمة ، جاءت مبينة في غير هذا الموضع .

الأولى : التي هي كونه : أنزله بقدر أشار إليها في قوله : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم }

والثانية التي هي إسكانه الماء المنزل من السماء في الأرض بينها في قوله جل وعلا { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض } والينبوع : الماء الكثير وقوله : { فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين } على ما قدمنا في الحجر .

والثالثة : التي هي قدرته على إذهابه أشار لها في قوله تعالى { قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين }