المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

57- والذين صدَّقوا بما جاءهم من ربهم وعملوا الأعمال الصالحة ، سنثيبهم على إيمانهم وعملهم ، فندخلهم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار ، لا تنتهي حياتهم فيها أبداً ، لهم فيها أزواج مطهرة من العيوب والأدناس ، ونحييهم حياة ناعمة في ظل ظليل من العيش الطيب والنعيم المقيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أي : بالله وما أوجب الإيمانَ به { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } من الواجبات والمستحبات { سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } أي : من الأخلاق الرذيلة ، والخلْق الذميم ، ومما يكون من نساء الدنيا من كل دنس وعيب { وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

وقوله { والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } بيان لحسن الثواب الذى وعد الله به عباده المؤمنين فى مقابلة بيان العقاب الذى أعده للكافرين .

وتلك عادة القرآن فى تربية النفوس . إنه يسوق عاقبة الكافرين ثم يتبعها بحسن عاقبة المؤمنين أو العكس ، ليحمل العقلاء على الابتعاد عن طريق الكفر والعصيان ، وليغريهم بالسير فى طريق الطاعة والإِيمان .

أى : والذين آمنوا إيماناً حقاً ، وعملوا فى دنياهم الأعمال الطيبات الصالحات { سَنُدْخِلُهُمْ } يوم القيامة { جَنَّاتٍ تَجْرِي } من تحت شجرها وقصورها { الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } أى : أكرمناهم إكراما عظيما بأن جعلناهم مقيمين فى الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها { لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } أى لهم فيها نساء بريئات ومنزهات من جميع الأدناس الحسية والمعنوية .

وقوله : { وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً } أى : ظلا وارفا جميلا لا يصيب صاحبه حر ولا سموم .

والظل : أثر لما يحجب الشمس وحرارتها . والظليل : صفة مشتقة من الظل للتأكيد على حد قولهم : ليل أليل أى ظلا بلغ الغاية فى جنسه .

ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال : { ظَلِيلاً } صفة مشتقة من لفظ الظل لتأكيد معناه . كما يقال : ليل أليل . ويوم أيوم وما أشبه ذلك . وهو ما كان فيئا - أى طويلا ممتدا - لا حوب فيه - أى لا خرق ولا قطع فيه - ودائما لا تنسخه الشمس . وسجسجا - أى متوسطا - لا حر فيه ولا برد . وليس ذلك إلا ظل الجنة . رزقا الله بتوفيقه لما يزلف إليه التفيؤ تحت ذلك الظل .

وبعد هذا الحديث الجامع عن أحوال أهل الكتاب من اليهود ، وجه القرآن جملة من الأوامر الحكيمة إلى المؤمنين . فقال - تعالى - : { إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ . . . . تَأْوِيلاً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

وفي مقابل هذا السعير المتأجج . وفي مقابل الجلود الناضجة المشوية المعذبة . . كلما نضجت بدلت . ليعود الاحتراق من جديد . ويعود الألم من جديد . في مقابل هذا المشهد المكروب الملهوف . . نجد ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) في جنات ندية :

( تجري من تحتها الأنهار ) :

ونجد في المشهد ثباتا وخلودا مطمئنا أكيدا :

خالدين فيها أبدًا

ونجد في الجنات والخلد الدائم أزواجا مطهرة :

لهم فيها أزواج مطهرة . .

ونجد روح الظلال الندية ؛ يرف على مشهد النعيم :

( وندخلهم ظلا ظليلا ) . .

تقابل كامل في الجزاء . وفي المشاهد . وفي الصور . وفي الإيقاع . . على طريقة القرآن في " مشاهد القيامة " ذات الإيحاء القوي النافذ العميق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا } قدم ذكر الكفار ووعيدهم على ذكر المؤمنين ووعدهم لأن الكلام فيهم ، وذكر المؤمنين بالعرض . { لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا } فينانا لا جوب فيه ودائما لا تنسخه الشمس ، وهو إشارة إلى النعمة التامة الدائمة . والظليل صفة مشتقة من الظل لتأكيده كقولهم : شمس شامس وليل أليل ويوم أيوم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

ولما ذكر الله وعيد الكفار ، عقب بوعد المؤمنين بالجنة على الإيمان والأعمال الصالحة ، وقرأ ابن وثاب والنخعي ، «سيدخلهم » بالياء وكذلك «يدخلهم » بعد ذلك{[4111]} . وقد تقدم القول في معنى { من تحتها } في سورة البقرة و { مطهرة } معناه : من الريب والأقذار التي هي معهودات في الدنيا و { ظليلاً } معناه : عند بعضهم يقي الحر والبرد ، ويصح أن يريد أنه ظل لا يستحيل ولا ينتقل ، كما يفعل ظل الدنيا ، فأكده بقوله { ظليلاً } لذلك ، ويصح أن يصفه بظليل لامتداده ، فقد قال عليه السلام : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعها »{[4112]} .


[4111]:- في قوله تعالى في الآية (122) من هذه السورة: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، وعد الله حقا، ومن أصدق من الله قيلا}.
[4112]:- أخرج ابن جرير عن أبي هريرة مثله مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ. والآراء كثيرة في معنى الظل الظليل، قال ابن كثير: أي: ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا، وقيل هو للمبالغة كقولهم: ليل أليل، وداهية دهياء، ويوم أيوم.