فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ( 57 ) إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ( 58 ) }

ثم أتبع وصف حال الكفار بوصف المؤمنين فقال { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } وهو لف ونشر مشوش على حد قوله { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } وعلى عادته تعالى من ذكر الوعيد مع الوعد وعكسه { سندخلهم } أي يوم القيامة { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا } قد تقدم تفسير الجنات وجري الأنهار من تحتها ، وذلك الخلود بغير نهاية ولا انقطاع وليس المراد طول المكث .

{ لهم فيها أزواج مطهرة } من الأدناس التي تكون في نساء الدنيا ومن كل قذر وسوء الخلق { وندخلهم ظلا ظليلا } الظل الظليل الذي لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك ، وقيل هو مجموع ظل الأشجار والقصور . وقيل الظل الظليل هو الدائم الذي لا يزول ، واشتقاق الصفة من لفظ الموصوف للمبالغة كما يقال ليل أليل ، قال الربيع ابن أنس : هو ظل العرش الذي لا يزول ، وقيل هو ظل الجنة والأول أولى .