الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

لما ذكر سبحانه وعيدَ الكُفَّار ، عَقَّبَ بوَعْد المُؤْمنين بالجَنَّة على الإيمانِ ، والأعمالِ الصَّالحة ، و{ ظَلِيلاً } : معناه عند بعضهم : يَقِي الحَرَّ والبَرْدَ ، ويصحُّ أنْ يريدَ أنه ظِلٌّ لا يستحيلُ ولا يتنقَّلُ ، وصح وصفه بظَلِيلٍ لامتداده ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادُ المُضَمَّرُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُهَا ) ، وَرَأَيْتُ لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ : وذكر الطبريُّ في كتابه ، قال : ( لما خَلَق اللَّهُ عزَّ وجلَّ الجنَّةَ ، قالَ لَهَا : امتدي ، فقَالَتْ : يا ربِّ ، كَمْ ؟ وإلى كَمْ ؟ فَقَالَ لها : امتدي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ ، فامتدت ، ثم قالَ لَهَا : امتدي ، فقالَتْ : يا ربِّ : كَمْ ، والى كَمْ ؟ فقالَ لَهَا : امتدِّي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ ، فامتدت ، ثم قال لَهَا : امتدي ، فقالَتْ : يَا رَبِّ : كَمْ ، وإلى كَمْ ؟ فَقَالَ لَهَا : امتدي مِقْدَار رَحْمَتِي ، فامتدت ، فَهِيَ تَمْتَدُّ أَبَدَ الآبِدِينَ ، فَلَيْسَ لِلجَنَّةِ طَرَفٌ ، كَمَا أنَّهُ لَيْسَ لِرَحْمَةِ اللَّهِ طَرَفٌ ) ، انتهى . فهذا لا يُعْلَمُ إلا من جهة السَّمْع ، فهو ممَّا اطلع عليه الطبريُّ ، وهو إمامٌ حافظٌ محدِّثٌ ثقةٌ ، قاله الخطيبُ أحمدُ بْنُ عليِّ بْنِ ثابتٍ .